إن صحت المعلومات والمعطيات المتداولة عن دور محوري “لتنظيم القاعدة” في إدارة الحرب الكيماوية في سوريا وعن وقوفها خلف جريمة “الغوطة” التي ذهب ضحيتها اكثر من 1200 ضحية والتي تمثل نقلة نوعية كبرى في إدارة معركة الجماعات التكفيرية المسلحة ضد النظام, فإن تطورات الأيام والأسابيع المقبلة تحمل معها نذرا قوية جدا بإحتمالات جدية لتوسع ميادين الصراع وتشابكاته ودخول الازمة السورية مدخل التدويل المؤدي إلى حرب إقليمية ضروس تبدو كل العوامل والأسباب والمؤشرات مؤدية لها.
فبعض الانظمة الخليجية تقف موقفا إنتحاريا لا تراجع عنه, وهي ستحارب في معركتها المصيرية حتى الطلقة الأخيرة, لكون القضية ليست متعلقة بوجودها فحسب , بل بمخطط إقليمي واسع وبتحالفات أنظمة وتنظيمات ارهابية سيؤدي باعتقادهم في حال سقوط النظام في سوريا الى تغيير خريطة المنطقة.
إنها بإختصار حرب الإرادة التكفيرية في الشرق الأوسط, كما أنها قد تكون النهايات المفجعة للتحالف الغربي الصهيوني التكفيري الذي ارتسمت صيغته والذي نراه اليوم في سوريا رغم التناقض الآيديولوجي الظاهر بينهم, لكن مصلحتهم الاستراتيجية العليا واضحة بالكامل ومترابطة بشكل جنيني لا إنفصام عنه, وليس سرا إن “جبهة النصرة” ما كانت لتصمد كل هذه الفترة الطويلة, والتي شارفت على الإقتراب من أعوامها الثلاثة في مواجهة النظام لو لم تكن مسنودة من قوى خليجية ودعم مادي وتعويض فوري للسلاح الاميركي والاسرائيلي .
إنكشاف دور الجماعات التكفيرية المسلحة في الحرب الكيماوية السورية يعني بصريح العبارة ان معركة دمشق الحقيقية لن تنتهي إلا عند تخوم الخليج العربي الذي تتحكم عدد من انظمته اليوم بقواعد اللعبة السياسية والأمنية التخريبية ابتداء من دمشق مرورا ببيروت وصولا الى بغداد من خلال عملائها ووكلائها في بعض الدول العربية والاجنبية .
جريمة “الغوطة” الكيماوية ستؤسس حتما لأوضاع جديدة في ظل التهديد الاميركي بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا, لكن هذه الجريمة يمكن ان تؤدي الى توسيع جغرافية الحرب لتشمل بعض العواصم والمصالحة الحيوية لدول الخليج مالم يتم لجم المعتدي و إيقافه عند حده, بل والتوسع في نقل معركة إدارة الصراع الإقليمي الكبرى لتكون في عمق الدارالخليجية.
لقد تجاوز ذلك التحالف الشرير كل الحدود وأضحى يرفع خيارات إرهاب دولية بعناوين وخلفيات دينية وطائفية ومذهبية في مواجهة
الشعب السوري الذي يقدم تضحيات وكوارث رهيبة دفاعا عن الأمة ويدفع ثمنا غاليا من دماء أبنائه لإستمرار المواجهة التي يسقيها بدمائهالذكية , وهو اليوم قد دخل التاريخ بإعتباره أول طلائع الشعب العربي الذي تعرض لضربات مميتة بالأسلحة التكفيرية الفتاكة والمحرمة الدولية, وضمن تصنيف أسلحة الإبادة الشاملة وفقا للتكتيكات القتالية “لجبهة النصرة” التي طورت شكل ومعنى الإرهاب الإقليمي من صيغته القديمة عبر الأفعال والأعمال الإنتحارية إلى شكله الجديد في إبادة الشعوب, وهي جريمة كبرى ضد الإنسانية لن يفلت من عواقبها القتلة والمجرمون الذين يتحركون بخيوط الامراء في الخليج.
لقد بين أحرار الشام, وعلى الملأ وأمام الرأي العام العالمي حجم ودرجة الجريمة التي لجأ إليها تحالف القتلة الممتد بين الغرب والخليج وعصاباتهم التكفيرية ودرجة انغماسهم في التخريب والاجرام, واستهتارهم بالأرواح البشرية, بل وتفننهم في اساليب القتل عبر الإبداع في قتل الشعب السوري.
فالمسألة اليوم لم تعد الدفاع عن النظام فحسب, فتلك مسألة مهمة ومفروغ منها, ولكن القضية تتمحور حول محاكمة و محاسبة مقترفي الجرائم ضد الإنسانية وملاحقتهم لأوكارهم المعروفة, وهي مهمة إنسانية شاملة تتشابه ومهمة القضاء على الفاشية والنازية.
^