ينعقد المؤتمر الثاني لحزب التوحيد العربي في ظل تحولات جوهرية ومعطيات سياسية مترابطة بالغة الأهمية ، يقف فيها المشرق العربي على عتبة اقتحام مرحلة سياسية جديدة عنوانها هجوم جماعة “الاخوان المسلمين” بفتاويها التكفيرية وادواتها التدميرية والتخريبية على المنطقة .
في ظل هذه الاجواء لا يمكن نهائيا لحزب التوحيد العربي أن يستشرف منظوره لمعالم المرحلة السياسية الحالية دون أن يستوعب أهمية هذه التحولات وأن يأخذها بعين الاعتبار من أجل بلورة التوجه والنظرة الجديدة لمسار تطور المشرق العربي في أفق ذات المهمة التاريخية المطروحة لاستكمال مهمة بناء الدولة والمجتمع التعددي ، إنها المهمة التي يجد الحزب نفسه أمامها ، والتي لا يمكن أن يدير لها الظهر ويكتفي أو يستبطن أن حجمه وقوته في المشهد السياسي لا تتطلب منه أكثر من الحفاظ على الذات .
ان السياق السياسي الذي ينعقد فيه المؤتمر الثاني للحزب وذلك يوم الجمعة الواقع في 9 آب 2013 الساعة السادسة مساء والذي سيتخلله اجراء انتخابات للمكتب السياسي واقرار الوثيقة السياسية يشكل لحظة مفصلية على مسار المطالبة بضرورة اصلاح النظام السياسي واقرار قانون جديد للانتخابات على اساس “النسبية” وانبثاق “العروبة التوحيدية” كفتح لا غنى عنه لتدشين سيرورة نهضة عربية مقاومة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، مسنودا بحركة جماهيرية متعددة الروافد والرؤى تشكل حاضنة للمقاومة في مواجهة العدوان والاحتلال والتكفير .
إن الطموح يفرض أن نضع حزب التوحيد العربي في قلب مهمة إعادة تأسيس المشروع العربي المقاوم بمختلف أبعاده السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية ، وهي مهمة قبل أن تكون في جدول أعمال الآخرين – أو أن نتصورها كذلك – هي مهمة في جدول أعمال حاملي هذا المشروع والمدافعين عنه ، وهي مهمة قبل أن تكون محض مهمة عملية هي اليوم تأخذ في جزئها الغالب أبعادا تأسيسية فكرية .
إن إعادة الأمل للمشروع العربي المقاوم وخلق أوسع التفاف حوله لا يمكن إنجازه خارج هذا المجهود الفكري التأسيسي , إن توضيح هذا المشروع وإعادة تعريفه يمر بالضرورة عبر تعريف “العروبة التوحيدية ” كجزء من هذه القوى بل أحد أهم مكوناتها.
ومن هذا المنطلق فإن لحزب التوحيد العربي هوية تميزه عن الآخرين ، إن الوضوح يقتضي القول بكلمة بسيطة إن “العروبة التوحيدية” هي المستقبل بكل ما يعنيه هذا الانتماء للمستقبل من جرأة في الدفاع عن قيم الحريات وبما فيها طبعا الحريات الفردية ، وبكل ما يعنيه من جرأة في مواجهة دعاة العودة للماضي ودعوات الانغلاق والتطرف والتكفير والظلامية.
إن “العروبة التوحيدية ” هي التحيز للضعفاء ولصالح عدالة اجتماعية بكل ما يستلزمه ذلك من شجاعة في الجهر وفي مواجهة كل مظاهر الرشوة واقتصاد الريع ومظاهر البذخ والمزاجية في تحديد الأولويات الاقتصادية ، وبكل ما تعنيه ذلك من مواجهة مفتوحة مع الفاسدين والمفسدين الذين ينهبون المال العام ويستفيدون من أوضاع اختلالات توازن المؤسسات ، وغياب سلطة القضاء .
ان “العروبة التوحيدية” تحترم التعدد وتقدر التنوع بكل ما يعنيه ذلك من جرأة في مواجهة الهويات المنغلقة والوطنية الشوفينية ، وهي تنسجم مع الديمقراطية حتى حدودها القصوى ، بكل ما يترتب على ذلك من جرأة في مواجهة الاستبداد والحط من كرامة الناس أيا كان مصدرها وكيفما كانت حيثياتها وأسبابها .
إن تعريف وتحديد هوية “العروبة التوحيدية” والممارسة على أساسها ليست مهمة ترف فكري وثقافي ولا هي نزوع أكاديمي بحت كما يعتقد البعض ، إنها جزء لا يتجزأ من إعادة بناء مشروع الانتقال نحو الديمقراطية والتعددية والحداثة .
^