ربما يكون الشعب المصري قد وجد الحل السحري لإنهاء ما يسمى “الربيع العربي” وظاهرة المواجهات الدموية . يتطلب الأمر وجود وعي شعبي بخطورة مشروع “الاخوان المسلمين” حتى يتحرك الشارع ويعبر الشعب عن غضبه في المسيرات والمليونيات والاحتجاجات التي خلقت ثقافة ديمقراطية حقيقية.
لقد اراد مرسي وحاشيته تحويل مصر إلى دولة “اخوانية” تقوم على منع التحول نحو دولة حقيقية ومركزية وتهديد المسار الديمقراطي الناشئ في بلاد الكنانة بعد نظام الرئيس المخلوع مبارك .
في المحصلة يمكن لثورات التكفير والقتل والخراب والتدمير أن تطيح بالأنظمة أو تجبرها على الانصياع لفتاويها الظلامية ولكنها لا يمكن أن تخلق ثقافة من الممارسات الديمقراطية المؤسسية بدون احترام لمنظومة المؤسسات والتشريعات الديمقراطية والحريات والتعددية سواء من قبل الحاكم المرحلي أو المحكوم.
عندما يتم حسم الخلافات بين الفئات المتصارعة في الساحات والشوارع والازقة بدلا من المجالس النيابية والحكومات فهذا يعني نهاية اي طموح بحياة سياسية سليمة.
ثورات “الربيع العربي” الدموية تعيدنا إلى نظريات القتل والارهاب والتطرف التي لا تقيم وزنا للحوار او تبدي رغبة مشتركة في الوصول إلى تفاهم، ولا تلتزم بأطر وقوانين ومؤسسات وتشريعات تنظم العمل السياسي الامر الذي يجعلنا امام تعبيرات بدائية عن الغرائز البشرية.
تبدو مصر حاليا هي الدولة العربية الأكثر قربا إلى إمكانية التوصل إلى نموذج ديمقراطي تعددي مغاير لزمن “الربيع العربي. المجتمع المصري مجتمع منسجم عرقيا وطائفيا ومعتاد على فكرة العروبة العصرية وذلك بفضل جهود جمال عبدالناصر الذي تضمن مشروعه الوطني والقومي عدة محاور سياسية واقتصادية واجتماعية متناسبة مع الدولة الحديثة، وهو برنامج يتفوق بسنوات ضوئية على مشروع “الاخوان المسلمين “الرجعي .
هنالك الكثير من التحديات في مصر العروبة . الاستقطاب “الاخواني” شرس وتغذيه مواقف متطرفة من السلفيين ومن غلاة العنصرية البغيضة ووصل إلى مرحلة في غاية الخطورة بعدالاطاحة بحكم مرسي. الأوضاع الاقتصادية غير مستقرة نتيجة عزوف السياح والمستثمرين عن النشاط في مصر تخوفا من الأوضاع الأمنية السيئة.
إذا نجحت مصر في تجاوز تحدياتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ربما يكون هنالك مستقبل ما لام الدنيا ولكن إذا ما فشلت لا سمح الله نكون قد خسرنا نموذجا كان متميزا في العالم العربي في الأداء السياسي والاقتصادي والتقدم الاجتماعي والثقافي وإن كان عن طريق العسكر وهذا يضاف إلى الأوضاع المحزنة التي تمر بها حواضر عدد من البلدان العربية .
^