يوماً بعد يوم بدأت الحقائق تتكشف تباعاً حول ما ستؤول إليه الأوضاع في “تركيا – أردوغان”، حلم الامبراطورية العثمانية الجديدة بدأ يتلاشى وبخطوات متسارعة، ما يسمى نظرية “صفر مشكلات” هي أكذوبة العصر، اتخذتها حكومة أردوغان لباساً وقناعاً لسياستها الرامية للسيطرة على المنطقة، هذه الخدعة انكشف أمرها بفضل الأحداث والتطورات الجارية في منطقتنا، وثبت أيضاً، أن الوكالة الأميركية لتركيا والممهورة بختم البيت الأبيض الأميركي، كانت وكالة ناجمة عن العجز الأميركي الواضح بعد الهزائم والحروب الخاسرة في أفغانستان والعراق، وبلغة المنطق، ما عجز عنه الأصيل لا يمكن أن ينجزه الوكيل.
حالة الإفلاس الأخلاقي قادت الى الفشل العسكري والسياسي في الامبراطورية الأميركية، وتداعياتها الاقتصادية ستكون كارثية على تركيا الأردوغانية التي كانت تحلم بالسيطرة على المنطقة من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد الأميركي.
الحكومة التركية اليوم مصدومة بتطور الأوضاع في سوريا العروبة، التي صمدت وقاومت وهي ماضية في تحقيق الإنجاز الأكبر وهزيمة المشروع الأميركي وأدواته في المنطقة، وما يجري في مدينة رأس العين السورية له دلالاته الاستراتيجية وستظهر نتائجها في الفترة القريبة، وسيطرة “حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي على مدينة رأس العين السورية بالتنسيق مع الجيش العربي السوري، جعل رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان يطلق صرخاته وبما يشبه التهديد، أن “لصبر تركيا حدوداً تجاه ما يجري على الحدود مع سوريا”، ومثل هذا الصراخ اعتدنا على سماعه وإن دل على شيء، فهو يدل على حالة العجز والإحباط والهزيمة المرة وانهيار أحلام الامبراطورية العثمانية الجديدة.
وسائل الإعلام التركية ومنها صحيفة “زمان” قالت: “إن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي قد عقد تحالفاً مع الدولة السورية ومع “حزب الله” للسيطرة على الحدود مع تركيا، وإن هذا التحالف يريد قطع طريق الإمدادات للمعارضة من حلب الى معبر أونجي بينار الحدودي مع تركيا، وإن آلاف المقاتلين الأكراد قد تدفقوا من شمال العراق الى شمال سوريا لنصرة الأكراد السوريين“.
وقالت الصحيفة “في حال تمّ قطع طريق حلب – أونجي بينار فإن قدرة “المعارضة” ستتراجع كثيراً في المحافظات الشمالية، وبالتالي فإن الأكراد يريدون أن يصلوا الى البحر المتوسط بدعم القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، خصوصاً، أن الأكراد يرسمون خريطة لحكمهم الذاتي…”
تركيا وحسب مراقبون، تنتظر الآتي الأعظم، والسيناريو الكارثي المقبل في تركيا، اسمه “الصدام المذهبي” وتقول صحيفة صباح التركية “إن هناك قوى خارجية تخطط لذاك الصدام… ونقل أيضاً بأن التحريض المذهبي في تركيا في أوجه، وأن أحداث تقسيم جاءت بعد انتهاء العام الدراسي لذلك بدأ حراك الشبان ضد الحكومة.
وترى مصادر عن “حزب العدالة والتنمية”، أن “الهدف من تحريك الوضع الكردي في سوريا هو إضعاف سيطرة ما يسمى الجيش الحر في سوريا“.
وتؤكد التقارير الواردة من تركيا، “أن كل الطرقات أمام تركيا باتت مسدودة، طريق سوريا وطريق طهران وطريق بغداد، وممنوع على الخارجية التركية الذهاب الى كركوك، وأخيراً ضاقت طريق السويس على تركيا بذهاب جماعة الإخوان المسلمين في مصر“.
وكذلك إن سيطرة مقاتلو حزب “الاتحاد الديمقراطي” على ثلاث بوابات عبور حدودية مع تركيا ويريدون السيطرة على بوابات أخرى، هذا ما جعل تركيا في حالة من العصبية الواضحة التي زادت كثيراً، مع الأنباء التي تتحدث عن احتمال اتفاق بين دمشق والأكراد لإعطاء الأكراد دور في المنطقة الحدودية في الشمال.
إن الحرب الكونية التي شنت ضد سوريا العروبة وما تمثله، بدأت نتائجها تتضح تباعاً: انهزم المشروع الاستعماري، وفشله بات واضحاً، ويكفي مراقبة ما يجري على الأرض من وقائع والتغييرات التي حصلت في مصر بهزيمة “الإخوان المسلمين” وفشل تجربتهم في الحكم هي مثال صارخ الى ما ستؤول إليه الأوضاع في بلداننا العربية، واللحظة الحاسمة باتت قريبة جداً.
محمود صالح