بدأ يتحول اعجاب اللبنانيين بالحضارة الاوروبية التي وصفت بتقديس مبادئ الديمقراطية واعترافها بنضالات الشعوب في سبيل الحرية ونيل الاستقلال إلي غضب واستياء بسبب رغبة عدد من دول الاتحاد الاوروبي بادراج حزب الله على لائحة “الارهاب” الدولي الامر الذي وصفه احد الخبراء في القانون الدولي بأنه تدخل فج وغير مقبول وواجب الرد عليه شعبيا ورسميا.
وما يزيد الأمور غضبا واستياء هو أن بعض الأسلحة التي تم كشفها بين ايدي الجماعات الارهابية المسلحة في سوريا جاءت من دول اوروبية الي الداخل السوري .
بالتأكيد لا تأتي الأسلحة المهربة والمخفية من أجل نشر الديمقراطية او التسلية أو لتوزيعها علي الفقراء والمساكين من “تنظيم القاعدة ” و”جبهة النصرة”, ولكن لأغراضباتت معروفة , وهي إشعال مواجهات أهلية تنتهي بحرب وخراب لسوريا وشعبها. ومن يفعل ذلك لا يمكن ان يلوم حزب الله على وقوفه الى جانب الشعب السوري الذي يواجه ابشع انواع “الارهاب” على ارضه .
بالتأكيد ما حققه النظام من انتصار أصاب أوهام المراهنين على سقوط الرئيس بشار الاسد في مقتل, لقد بدأت الجماعات المسلحة بالتقهقر بعد ان كانت تسهل التغلغل الغربي في المجتمعالسوري , واختفت عدد من التنظيمات المسلحة التي حصلت علي الكثير من الأموال والمنافع لكي تفتح ابواب سوريا علي مصريعها أمام النفوذالاميركي والاسرائيلي اقتصاديا وسياسيا وثقافيا.
ولما كانت الاستثمارات الاوروبية والطموحات كبيرة للغاية في سوريا , فمن الطبيعي أن يكون هناك غضب وقلق, أما ما هو غير طبيعي أن يتحول هذا الغضب إلي مسعي جاد لدفع سوريا نحو اقتتال أهلي, وجنوح الدول الاوروبية والولايات المتحدة الى معاقبة سوريا وشعبها بحجة ان لا سبيل لنشر الديمقراطية والاصلاح في سوريا الا بعزل الرئيس الاسد.
والمثير والمرفوض أيضا هو ذلك الهجوم الاوروبي السافر على حزب الله من أجل تحويل لبنان إلي نموذج آخر مما يجري في سوريا حيث التدمير والخراب بلا حدود, وحيث التدخل الاميركي العبثي بلا قيم ولا مبادئ.
بعض كتابنا الافاضل من جماعة 14 آذار ذوي العلاقات الحميمة مع دول في الاتحاد الاوروبي يرون أن ما يفعله قادة الاتحاد له مبرراته الداخلية وهو موجها للبنان تحديدا, حيث الخوف الشديد في اوروبا من أن يعود حزب الله ثانية الى شن حرب عسكرية ضد “اسرائيل”, لاسيما أن الحدود المشتركة بين لبنان وفلسطين المحتلة شهدت مؤخرا تحركات غير مسبوقة من الجانبين.
ولكن على الجميع أن يدرك ان لبنان لم يعد ولاية فرنسية وإذا كان هناك من يحلم ببناء وصاية دولية جديدة تشمل عدة بلدان في الشرق الاوسط بما فيهالبنان , من خلال التلويح بالضغط على حزب الله وبالتعاون مع جماعات وتنظيمات عابرة للحدود تستغل الدين وهو منها براء, والزعم بأنهم يضعون اللبنات الاولى للديمقراطية التي يقودها الاتحاد, فرسالتنا واضحة وبسيطة جدا, فلتنسوا تلك الأوهام وعودوا إلي رشدكم, فلبنان بلد كبير الحجم والوزن, وأكبر كثيرا من أن تكون ولاية فرنسية تديرها باريس.
لقد ولي زمن الاستعمار والاستعباد. والشعب الذي انتصر على العدو الاسرائيلي عام 2006 بالتأكيد هو شعب واع يدرك مصلحته جيدا ويؤمن بشدة أن مقاومته هي مقاومة وطنية تحمي الوطن والشعب وتضحي من أجل حريته ولا تعرف الخيانة أو الغدر, ولا تقبل ببيع الوطن او تأجير أراضيه او التنازل عن شبر منها.
^