الثورة المصرية مستمرة منذ 25 كانون الثاني (يناير) 2011، ويبدو الآن أن حراك الشعب المصري لن يتوقف حتى تحقيق أهداف الثورة، والأمر الذي يجب أن يوضع في سلم الأولويات، أن الاسقتلال الوطني أصبح اليوم أولوية الأولويات والتخلص من التبعية للخارج، ويجب التعلم من الدروس السابقة، عندما سُرقت الثورة من قبل جماعة “الإخوان المسلمين” عبر صفقة شارك فيها العسكر “آنذاك” والأميركيين.
هناك مخاوف مشروعة اليوم لدى الشعب المصري وقواه الفاعلة من أن تُسرق الثورة مجدداً من خلال مشاركة بعض الليبراليين والفلول برعاية أميركية جديدة، لكن ما يطمئن كما نلاحظ، مازال الشعب في ميدان التحرير وهو يتطلع الى استقلال وطني حقيقي.
إن مقومات نجاح الثورة يعتمد على أسس راسخة لا يمكن استبعاد إحداها، حرية المواطن وحرية الوطن، وهما الشرطان اللازمان لتحقيق استقلال حقيقي في مصر، وهذان الشرطان تم شطبهما، منذ أن وقعت اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة بين مصر في العهد السابق وبين الكيان الصهيوني، وتم إخراج مصر من معادلة الصراع في المنطقة وفقدت دورها العربي، وما لم يتحقق هذان الشرطان، سيعني ذلك أن الثورة لم تحقق أهدافها.
وهناك أمر آخر لا يقل أهمية ويجب أن يؤخذ كعامل أساسي حيث يدور الصراع في المنطقة وعلى أشده، في المعادلة الاقليمية والدولية وما تتعرض له سوريا العروبة من حرب كونية تشن عليها من قبل أصحاب المشروع الاميركي والغربي “الشرق الأوسط الجديد”، وسوريا اليوم تقاوم بكل قوة وتدفع فاتورة عروبتها، وانتصارها يعني انتصار لمصر وثورتها.
إن حرية المواطن وحرية الوطن هما أحد أهداف ثورة “25 يناير” وهذا ما يبرر ثورة “30 حزيران – يونيو” التي تشكل الموجة الثانية في مسار الثورة وتحاول تصحيح المسار، وجاء تدخل الجيش المصري ليمنع حرباً أهلية، ويمكن أن يقود الى تحقيق أهداف الثورة ولا نستبعد العكس إذا لم يتم استبعاد العامل الخارجي ودوره وخاصة الأميركي وتدخله السافر في أوضاع مصر الداخلية.
من هنا سعت الإدارة الأميركية لترميم صورتها المهتزة في المشهد المصري بسبب موقفها من ثورة “30 يونيو” ومحاولتها احتواء التداعيات المحتملة بعد سقود نظام “الإخوان المسلمين” على مصالحها في مصر والمنطقة، وذلك عبر إيفاد نائب وزير الخارجية وليم بيرنز الى القاهرة، حيث عكست تصريحاته اعترافاً أميركياً مع العهد الجديد، حاول بيرنز إخراج حلفائه السابقين في تيار الإسلام السياسي بأقل الخسائر الممكنةعبر دعوته السلطات المؤقتة الى توفير مساحة لـ “الإخوان المسلمين” في المرحلة الانتقالية الجديدة.
ولا يمكن القول، إن الإسلام السياسي قد خرج أو أخرج من المشهد المصري، مع أن ما حدث وجه ضربة قوية جداً لوجوده وستؤثر كثيراً على مستقبله، ذلك لأن الأميركي مازال موجوداً ويحاول أن يرسم خرائط جديدة تسمح له باستمرار هيمنته السياسية وغيرها، عبر تغيير بعض الواجهات فقط.
ما قاله بيرنز في مصر، يجب التوقف عنده، قال: “إن المرحلة الانتقالية مستمرة وهي بمثابة فرصة ثانية تأتي بعد ثورة “25 يناير” ويأمل أن تكون فرصة لتعلم بعض الدروس وإصلاح بعض الأخطاء” وقال: “لم آت لأنصح احداً، وأنا لا أحمل حلولاً اميركية” والسؤال لماذا جاء بيرنز وما هو رد القوى التي اطلقت الموجة الثانية للثورة المصرية الرائدة؟ والفرق كبير وشتان ما بين الثورة والإصلاح.
نعم المرحلة الانتقالية وخريطة الطريق تبدأ بتعديل دستور العام 2012 واستفتاء عام تتبعه انتخابات برلمانية ورئاسية، أما انتصار الثورة المصرية فهو الضمانة الحقيقية لمستقبل مصر ودورها العربي والدولي، وهذا يتحقق فقط من خلال حرية المواطن وحرية الوطن التي تعني التخلص من آرث معاهدة كامب ديفيد وعودة مصر الى دورها العربي، وان تخرج سوريا من أزمتها منتصرة على أعداء الأمة.
ما يجري في سوريا ستنعكس نتائجه على مصر العروبة والعكس صحيح، فهل نستوعب الدرس.
محمود صالح