بعد أيام من نزول الشعب المصري الى الساحات والميادين مطالباً رئيسه بالرحيل، بدأت تتضح ملامح المواجهة الجارية في مصر العروبة، محمد مرسي وجماعته وحاشيته في حالة من الفزع والقلق الحاد بعد ان أعمتهم شراهتهم للسلطة من رؤية الحقيقة، في خطابه الأخير صباح يوم 3 تموز 2013، أضاع مرسي البوصلة تماماً، لم يعد يرى من حوله إلا كرسي الرئاسة وحديثه الأجوف عن الشرعية التي أفرغها من محتواها، خطابه نسخة معدلة عن الخطاب الأخير لمبارك المخلوع، هو لم يقدم للمصريين ما يوحدهم وإنما فرق الناس جميعاً وشتتهم، ورغم ذلك بقي حتى اللحظة الأخيرة يتحدث بكلام من دون أفعال عن دولة مدنية يتطلع العالم لأن تكون نموذجاً في المنطقة، هو يريد دولة على مقاسه وترضي أسياده في البيت الأبيض وتحمي مصالهم في المنطقة وتعمل على حماية أمن الكيان الصهيوني.
تحدث مرسي في خطابه عن “الفرصة” السانحة ليس أمام الشعب المصري الذي خرج بعشرات الملايين ليقول كلمته، وانما عن فرصة “الأخوان المسلمين” للاستئثار بالسلطة الى ما لا نهاية، والسؤال هل يدرك هذا، أن الشعب المصري لا يريد حكم “الإخوان” أما أنه فقد الرؤية تماماً، لم ير ان الجيش المصري قد تحرك الى جانب الشعب بعد ان وصلت البلاد الى حافة الإنهيار تراكمت المخاطر وساءت أحوال الناس.
يبدو بأن “الرئيس” بات لا يملك إرادته بعد ان استمع الى الاميركي واطمأن الى عزيزه شمعون بيريس، هؤلاء الذين أكدوا أنهم متمسكين بالرئيس المنتخب، وهم يعرفون ان لا احد يستطيع الوقوف في وجه الشعب المصري، وكل ما يعرفونه كيف تحمى مصالحهم في المنطقة.
لقد نسي الطاغية بأن للأميركي دور قذر في المنطقة يتمثل في مشروع الشرق الأوسط الجديد وتقسيم المنطقة الى أكثر من 70 كيان هزيل لتسهل السيطرة على مقدرات البلاد وثرواتها، وهذا لم يضبط في موقف واحد يعارض الولايات المتحدة، هو تلقى الضوء الاخضر لكي يبقى في السلطة وجعلها لقمة سائغة لكل الطموحات الاستعمارية.
وليس صحيحاً ما قاله مرسي، انه لا يريد ان تملي أي قوة على مصر إرادتها، فهل الغى معاهدات الذل مع الكيان الصهيوني، ماذا فعل هذا من أجل مصر سوى إفقارها وإغراقها في متاهات الفقر والفوضى والاستبداد، تلطى بثوب الشريعة ليحافظ على ما اسماه “شرعيته” التي ذكرها في خطابه 37 مرة، أين الحرية والعدالة ودولة القانون والعدالة الاجتماعية التي يتشدق بها بعد ان هجّر المصريين حسب انتماءاتهم الدينية وأهوائه وجماعته، وشرعيته كما يقول هي التي تمنع التصادم والا فمصير البلاد في المجهول، واستخدم لغة التهديد والوعيد عندما قال أنه لن يسمح لأي قرار او اقتراح او قوة اخرى ان تقول كلمتها وقال لجماعته “تحركوا اقنعوا وقنعوا الناس”، وقال انه “متمسك بالشرعية وحامياً لها وسيحافظ عليها كما يحافظ على حياته”، وهذا يعني ان كرسي الرئاسة مسألة حياة او موت بالنسبة له، وهو بهذا يبدو كأنه لا يعرف عما يحدث في البلاد، او يريد ان يغير الحقيقة بعد ان اشعل مصر بأكملها.
ما يمكن قوله، أن مرسي وجماعته في مأزق وليس لديه اي مقترح ديموقراطي، هو قال ان الشعب اختارني ولا يرى الشعب الذي خرج بالملايين يطالبه بالرحيل وهو سيجبر على التنحي قصراً، ونحن في الأيام الأخيرة نرى بكل وضوح حجم المؤامرة التي تستهدف أمتنا ولكن في نفس الوقت بات الإنتصار قريباً، لان الشعب المصري قال كلمته، هذه هي الشرعية الحقيقية التي تجمع وتوحد وتصون كرامة الأمة.
محمود صالح