على وقع زيارة نائب وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز بيروت أمس، واجتماعه مع كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيسين بري وميقاتي ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ورئيس «جبهة النضال الوطني النيابية» وليد جنبلاط ، والذي حرص امامهم على تأكيد دعم بلاده دور سليمان والجيش اللبناني ،برزت على الساحة وبصورة مفاجئة الخلافات السياسية العميقة بين الفرقاء اللبنانيين التي اطاحت بالجلسة النيابية التي كانت مقررة أمس، وسط ارتفاع وتيرة السجال الدستوري حول دستوريتها، لا سيما لجهة ما تضمنته من جدول أعمال اعترض عليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقوى 14 آذارتخوفت اوساط سياسية من انتقال عدوى تعطيل المؤسسات وإفراغها الى السلطة التشريعية بسبب تصاعد الخلافات السياسية التي تلبس لبوساً دستورياً وقانونياً، في ظل استمرار الفراغ الحكومي واستمرار العراقيل أمام تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس المكلف تمام سلام.
للوهلة الاولى لا شيء حتى الآن يدل على ان قوى 14 آذار وتحديدا “تيار المستقبل” يسهل تشكيل حكومة قادرة على العمل والانتاج ما دامت تصر على عدم تشكيل حكومة وفقا للاحجام والاوزان، في حين يرفض الشريك الآخر أي 8آذار ذلك.
اوساط سياسية ترى لموقعنا ان تيار المستقبل يريد وضع لبنان بين خيارين: إما حكومة تكون الغلبة فيها “للوسطيين” وهي حكومة تعطيل، وإما لا حكومة فيكون الفراغ الذي يفتح الباب على الفوضى، والفوضى على تحول الدولة الى دويلات “اسيرية” تعمل على جر الفتنة الى لبنان والدخول في اتون حرب اهلية!
وتتابع الاوساط: لا شك ان عدم التوصل الى اتفاق على تشكيل حكومة برئاسة سلام اثار الخلاف والجدل الدستوري حول حق رئيس مجلس النواب بدعوة الهيئة العامة الى درس المشاريع واقرارها وفي ظل حكومة تصريف اعمال يعارض رئيسها ذلك. وهو خلاف يخفي بعدا سياسيا وحتى مذهبيا اذ ان تيار المستقبل ينظر الى الموضوع من زاوية ان السلطة الاشتراعية التي هي برئاسة شخصية مرموقة تنتمي الى الطائفة الشيعية الكريمة ، وهو ركن من اركان قوى 8 آذار وحليف اساسي مع “حزب الله”، يستطيع في غياب السلطة التنفيذية التي هي برئاسة الطائفة السنية ان يقرر دعوة مجلس النواب لعقد الجلسات ساعة يشاء وان يمتنع عن دعوته ساعة يشاء بحيث يصبح الوضع السياسي والتشريعي في البلاد في يد طائفة واحدة، وهذا يشكل خللا في التوازن بين السلطات وخللا ايضا في التعاون في ما بينها كما نص الدستور، وخصوصا اذا جاء دور الطائفة المارونية وتعطل انتخاب رئيس للجمهورية.
بالمقابل اكد مرجع دستوري لموقعنا انه من حق مجلس النواب في ظل هذا الوضع الشاذ ان يقوم مقام الحكومة وممارسة صلاحيات السلطة التنفيذية في ظل الفراغ الحكومي وربما الفراغ الرئاسي المحتمل اذا تعذر الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية ، لذلك دعا المرجع
قوى 14 آذار الى تسهيل تشكيل حكومة منسجمة ومتجانسة لتكون قادرة على العمل والانتاج، ولكي تكون كذلك ينبغي ان تحظى بموافقة القوى السياسية الاساسية في البلاد، والا فإنها تتحمل مسؤولية تعرض لبنان لفوضى الفراغ الهائل في كل مؤسساته الأمر الذي يصب في مصلحة الفريق التكفيري الممتشق سلاحه غير الشرعي في وجه الجيش والدولة ومؤسساتها بنية تفريغها، ما يطرح جملة تساؤلات حول ما يمكن أن يخبئه الآتي من الأيام، خصوصاً وأن الخلاف حول تفسير الدستور تحوّل فجأة ليصبح سجالاً علنياً حول تغيير “قواعد الميثاق الوطني” وفقاً لما أعلنه وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، الذي اعتبر أن “من يريد اسقاط دور مجلس النواب وفرض شروطه عليه خلافا للقواعد الدستورية التي تعطيه الحق المطلق في التشريع من دون قيد سوى قيد الدستور نفسه. وفي هذه اللحظة، نعتقد ان لا مصلحة لأحد في هذا الامر، ولا نريد ان نفتح نقاشا حول هذه المسألة لأنه سيفتح نقاشا ميثاقيا من نوع آخر، لا نريد ابدا ونعتقد ايضا ان لا مصلحة لأحد في حدوثه ولكننا لا نهاب على الاطلاق اذا ما حاول البعض جعله امرا واقعا عبر مقاطعة عمل مجلس النواب. فاذا كان المطلوب اليوم ان نغير من قواعد ميثاقنا الوطني، ان تتحدث الناس بصراحة ومن دون مواربة واعطاء تفاصيل وامور وخلفيات بسيطة عما يحدث حاليا”، وفي هذا الكلام على ما قاله مرجع سياسي لموقعنا ما يعيد إلى الأذهان المطلب الوطني الذي كان نادى به الأمين العام لـ “حزب الله” سماحة السيد حسن نصرالله والمتعلق بعقد “مؤتمر تأسيسي”، وبكلام آخر، التوصل الى وثيقة جديدة للوفاق الوطني ؟
^