يطوف شبح الانفلات الامني في لبنان هذه الأيام خاصة بعد المواجهات التي شهدتها مدينة صيدا، التي أدت إلى استشهاد عدد من الضباط والجنود في الجيش اللبناني ، وسقوط حالة التكفير التي كان يقودها “الاسير”.
الانفلات الامني الحاصل في اكثر من منطقة لبنانية ذات خلفية تتعلق أساساً بالازمة السورية ومواقف الفرقاء السياسيين منها، إضافة إلى خلفيات أخرى منها دخول البلاد في مرحلة التمديد للمجلس النيابي وحكومة تصريف الاعمال وفي ظل عجز الرئيس المكلّف تمام سلام، عن تشكيل حكومة تجمع كافة الفرقاء .
في ضوء هذه المخاوف الجديّة، يتبدى كم أن السياسة التي تمسكت بها حزب الله التي كان عنوانها وما زال رسمياً: القتال الى جانب الشعب السوري في مواجهة التكفيريين ، هي سياسة صائبة على جميع المستويات، وذلك منعا لتمدد الحالات التكفيرية اكثر في لبنان بعد ان وجدت لها بيئة حاضنة في كل من طرابلس وعرسال وصيدا …
ولكن بطبيعة الحال فإن لبنان ليس وحده المنغمس في هذه الأزمة، بعدما باتت الأزمة ذات أبعاد إقليمية ودولية ليست بحاجة للبرهنة عليها . وبوسع أي لبناني أياً كان انتماءه السياسي من 8 او 14 آذار ان يدرك هذه الازمة المتشعبة وعدم امكانية عزل لبنان عن مجرياتها ، خاصة بعد نزوح اكثر من مليون سوري إلى لبنان، في وقت لا يخفي فيه الزعماء المحليين خشيتهم من هذه الظاهرة المستجدة على الساحة الداخلية وتداعياتها على الاقتصاد الوطني ، وهو ما يفسر
حالة الانسداد السياسي الراهن، والمخاوف من الأسوأ بنشوب تفجيرات داخلية وحصول اغتيالات واسعة النطاق، في ظل التمديد الساري للمجلس النيابي، وبقاء الوضع الحكومي معلقاً في نطاق تصريف الاعمال بالاضافة الى الغيوم السوداء التي تكتنف فضاء السلم الأهلي، وتكاد تحجب أفق العملية السياسية والتداول السلمي للسلطة .
بالإضافة على هذا النحو تتفاعل الأزمة السورية في لبنان وهناك تخوف من مضافة هذه العدوى السلبية والتي سرعان ما سوف تنتقل وتتفشى في الايام المقبلة ذهاباً وإياباً ، في حال لم تتعظ القوى السياسية بالتجربة المُرّة في مصر مثلاً التي تشهد حاليا ثورة على جماعة “الاخوان المسلمين” الذين فشلوا منذ السنة الاولى على حكمهم ، وهو ما يثير الحاجة إلى رؤية نهاية سياسية للأزمة السورية، تحفظ وحدة هذا البلد وتلبي تطلعات شعبه وتمنع سريان الانعكاسات السلبية خارج الحدود وعندها سيكون لبنان المستفيد الاول .
^