تنحى حمد بن خليفة عن موقعه بعد انقلابه الابيض على والده لتصبح الامارة الآن من نصيب نجله تميم ، في خطوة شكلت مفاجئة كبيرة عند الكثيرين من الذين لا يفقهون جيدا مزاج الشيخ حمد واساليبه الملتوية.
وفيما اثار خروج الامير من موقعه تساؤلات كثيرة في الوسطين العربي والخليجي ، اعتبر البعض ان الخطوة جاءت لاسباب صحية، فيما رأى البعض الاخر ان التنحي جاء تعبيراً عن رغبة الامير بالابتعاد الطوعي عن الحكم تماشيا مع “الربيع العربي” الذي يقود حراكه وادى الى حمام دم في عدد من البلدان العربية والى تعميم الفوضى والارهاب والدمار .
بالمقابل تشير التقارير الغربية الى ان تنحي امير قطر جاء تنفيذا لاوامر واشنطن بعد الدور الذي لعبه حمد وتقديمه الدعم المالي والسياسي الهائل لجماعة “الاخوان المسلمين” ،ومساندته تنظيمات اسلامية تكفيرية ، الامر الذي ولّد حالة من القلق عند معظم الدول الغربية التي رأت في التمدد للحركات التكفيرية خطرا على امن بلدانها واستقرارها، مما ادى الى اصرار اوباما على ضرورة تغيير الدور القطري والذي يستتبع حكما التغيير على مستوى القيادة.
ولكن في كل الحالات تبقى اسباب الاستقالة غامضة،مما يجعل الدوحة امام وضع جديد،على كل المستويات،وهو وضع مفتوح على كل الاحتمالات بعد الدور التخريبي للشيخ حمد وتورطه في دعم الدول الغربية الحاضنة للربيع العربي والذي وصل تدخلها حد التدخل العسكري المباشر كما في ليبيا ورعاية ودعم الجماعات المسلحة كما في سوريا , ناهيك عن الدعم المالي واللوجستي بخاصة الإعلامي في باقي الدول التي شهدت حراكات شعبية , وقيام اكثر من دولة باتهام قطر علنا وسرّا بالعبث في امنها واستقرارها , بل ان انصار التيار الليبرالي واليساري والعلماني في الاقطار العربية , باتوا ينظرون الى حمد بوصفه العدو الاكبر لفكرة الديمقراطية والتعددية السياسية وانه انحاز علنا الى القوى التكفيرية كما في مصر وليبيا وتونس ولبنان وسوريا , فأجواء ومزاج هذه الدول بات معاديا لامارة حمد , والخشية ان يتكرس هذا المزاج وان ينقلب عداءً للشعب القطري الشقيق وللدولة بكليّتها .
قطر بعد رحيل حمد اصبحت منقسمة بين الأغلبية القطرية الساحقة التي تعكس الفطرة المواطنية السوية، فطرة الاعتدال والتسامح والتنوّر، وبين أقلية “الإخوان”، التنظيم الفئوي المنتسب للماضي والغريب عن العصر الذي فقد شرعية استمراره في الحكم، بعد إخفاقاته المدوية في كافة المجالات على الإطلاق ،فعلى اية ضفة سيقف الحاكم الجديد ؟ هذا ما ستكتشفه الايام القادمة!
^