صاحب السماحة والفضيلة الداعية الشيخ محمد العريفي حفظه الله ورعاه،
تحية طيبة وبعد،
لقد قرأنا جميعنا هنا عن الاعتداء السافر على جسدك الطاهر من قبل شابان من العراق، وأظن أنهما من “أهل الفتنة الكفار”. وقد هالنا الأمر عندما علمنا أن أحدهما قد انهال على وجهك القدّوس بحذائه الذي داس به أرض الكفار الإنكليز، مما أدى إلى نقلك إلى مستشفى الصليبيين حيث تم إرغامك على تلقي العلاج لتمس جسدك المبارك أنامل ممرضاتهم السافرات الزنديقات.
وعليه، نتوجه لأولئك المغرضين الذين يدّعون بأن سماحتكم ترسلون الشباب للموت بينما تسوحون في بلاد المشركين، أنهم لا يعلمون أنكم تجاهدون أصعب الجهاد الذي يرغمكم على الاختلاط بمن لا تطيقون بهدف استكشاف عاداتهم الكريهة ونقاط ضعفهم الأخلاقية كي تبنون قاعدة بيانات مفصلة تعين المجاهدين – عندما ينتهون من تطهير بلاد المسلمين من زنادقتها – على فتح هذه البلاد وإدخالها في دين الله. وكي تستخدمون هذه المعلومات لتعينكم على حماية مجتمعات المسلمين من فسق هؤلاء الكفرة وفسادهم وانحدار قيمهم. ورغم أن المعلومات التي وصلتنا أوضحت أنها ليست زيارتك الأولى إلى أرض الزنادقة، بل سبقتها العشرات من الزيارات، فنحن نشد على يدك المباركة وندعم سفراتك المتكررة التي تهدف إلى التعمق في عاداتهم البغيضة ودراسة مؤامراتهم على الدين الحنيف… أدامك الله فحلاً من فحول المؤمنين تجاهد بعقلك و”جسدك المقدس” من أجل “خير الأمة”.
وأريد أن أعترف أنه، ولأسباب ترتبط بعملي السابق، قد اضطررت إلى السفر مراراً إلى بلاد الكفار بما في ذلك مدينة لندن. وحيث أنني كنت من المغرر بهم، كنت أتناول الطعام في فنادقهم ومطاعمهم التقليدية كعادتي عند زيارة أي بلد، وللأسف كنت أشرب مع الطعام نبيذهم الأحمر والأبيض، ناهيك عن بيرتهم الكحولية (والعياذ بالله). ولكنني وبعد أن أتحفتني وسائل الإعلام والإنترنت بفتاويكم وفقهكم، صفعني الإيمان صفعة جبارة أيقظتني من جهالتي وسباتي ودلتني على السراط المستقيم… هرّوا نصف أسناني ولا يزال حنكي ملووء من قوة صفعة فتاويكم الفقهية الإيمانية؛ كما أصابني ارتجاج دماغي نوراني!
والآن، أقوم بسن سكاكين المطبخ للعمل على تنفيذ فتاوى سماحتكم المباركة، فحيث أسكن يحيطني مئات من النصارى في باقة من المذاهب المسيحية المارونية والأرثوذكسية والكاثوليكية والأرمنية. أما في مكان عملي، فهناك المئات من الشيعة “الرفضة” والسنة الحنفيين والشافعيين (لا أدري إن كان هناك من السنة المالكيين، أرجو العذر)، ذلك بالإضافة لمعرفتي بعدد لا بأس به من العلويين “النصيريين”. أما الدروز المرتدين الكفرة، فحدث ولا حرج؛ فعندي من الأهداف ما لا تمثل حديقة من هؤلاء الزنادقة فحسب، بل تمثل غابات منهم. ألم تحلّل سماحتكم دماء كل هؤلاء باعتبار أن ذبحهم هو قمة الجهاد؟
أما ما يخص فتاويكم المباركة بما يرتبط بتحليل أعراضهم ونساءهم وأملاكهم، فأرجو منكم المعذرة، فإن إيماني لا يزال فتياً ولم أخرج من جاهليتي من دون رواسب… فمن شبّ على شيء، شاب عليه. يا سيدي المبارك، بلادي من بلاد المشرق لا من نجد ولا من الحجاز. هنا لا يعرفون معنى الغزو من أجل سبي النساء وغنيمة الأموال والبهائم، ولا يفقهون الحروب من أجل ناقة أو إبل؛ هنا حروبهم من أجل الأرض والعرض والكرامات. وهذا التاريخ يحتاج من سماحتكم لمئات بل لآلاف من “صفعات” فتاويكم ومئات الآلاف من “الارتجاجات الدماغية النورانية” كي أستطيع حتى أن أفكر في هتك الأعراض ومصادرة الأرزاق. فأرجو من فضيلتكم تقبل اعتذاري العميق، وأرجو أن تنقلوا سماحتكم في صلواتكم طلب المغفرة لي من الإمام المفدّي الولي الصالح محمد بن عبدالوهاب ومن شيخ شيوخ الإسلام إبن تيمية عليهما السلام.
وفي الختام، وحيث أنني قد علمت سبب زيارة سماحتكم بلاد الكفار تنفيذاً لنوعين من الجهاد “جهاد النكاح” و”جهاد السياحة الاستطلاعية”، فاسمح لي فضيلتكم بأن أجرؤ، أنا العبد الفقير، على توجيه سؤال يحيرني ومرتبط بـ”جهاد الطعام”. فإنني قد لاحظت أنها عادة خليجية، عندما يسافر الخليجيون إلى أي بلد في العالم ترى معظمهم يتبقّطون (يأكلون هنيئاً ويشربون مريئاً) في سلسلة مطاعم الوجبات السريعة الأميركية “ماك دونالد” و”بيتزا هات” و”الكنتاكي” و”دومينوز” و”بيرغر كينغ” و”هارديز” و”فرايديز”، إلخ. علماً أن هذه المطاعم (خارج الدول العربية) تقدم لحوم بقر ولحوم دجاج ليست مذبوحة حلالاً، وبعضها، والعياذ بالله، يقدم لحم الخنزير. ذلك بالإضافة لكونها مطاعم تملكها شركات أميركية كافرة وزنديقة. وقد علمنا أن الاعتداء الغاشم على شخصكم المبارك قد حصل عند خروجكم من مطعم “ماك دونالد” بعد انتهاء سماحتكم من تناول الطعام. فهل هذا كان من ضمن مخططكم لمعرفة أسرار طعام الكفار بالاعتماد على “جهاد التذوق”؟ أم أن مأكولات هذه المطاعم أصبحت حلالاً للمؤمنين؟ هل لأنها وجبات سريعة تساهم في اختصار الوقت لملئه بالصلاة والجهاد؟
سماحتكم، إن جرأتي في الاستفسار عن هذا الموضوع نابعة من حقيقة مريرة أعيشها. فقبل أن “تصفعني” فتاويكم المباركة كنت كما أسلفت أعيش في جهاله. حينها تزوجت من نصرانية مارونية، والعياذ بالله. وبعد إصابتي بـ”ارتجاج الدماغ النوراني” قررت أن “أعلف” الكافرة زوجتى وأجاهد في ذبحها بمناسبة عيد الأضحى المبارك. وعندما علمت بارتيادكم المتكرر إلى سلسلة الوجبات السريعة الأميركية، أحسست بأنها رسالة مباركة من سماحتكم ذكرتني بالأضحية الإلهية لسيدنا إبراهيم عليه السلام التي ظهرت عليه ليفتدي بها ولده. فهل يحق لي أنا “المؤمن” بفتاويك المباركة الاستعاضة عن ذبح زوجتي المشركة بما أظهرته فضيلتكم كذبائح تفتديها وتتناسب مع القرن الحادي والعشرين والمتمثلة بالأضحية “الكنتاكية” والـ”ماك دونالدية” والـ”بيتزا هاتية” والـ”بيرغر كينغية” والـ”الدومينوزية” والـ”هارديزية” والـ”فرايديزية” وغيرها؟
بانتظار فتواكم النورانية قبل حلول الأضحى المبارك إذا أمكن، تفضلوا فضيلتكم بتقبل كامل الطاعة والخضوع.
العبد الفقير،
رشيد جنبلاط
**