منذ أكثر من عامين تدور نقاشات حادة وجدل داخل “البيض الأبيض” الأميركي حول جدوى التدخل الأميركي المباشر في الصراع الدائر في منطقتنا، وكانت النتائج تدور دوماً في حلقة مفرغة، وفضّل صانعو السياسة الأميركية البحث عن أرخص السبل والأدوات وبعيداً عن دفع الأثمان الباهظة، استخدم الأميركي والغربي بشكل عام أموال النفط العربي لخدمة أهدافهم والحفاظ على مصالحهم وأرادوا إضعاف كل قوى المقاومة في أمتنا وهدفهم الهيمنة والسيطرة ونهب ثروات بلداننا وحماية أمن الكيان الصهيوني تلك الثكنة المتقدمة في قلب الأمة العربية.
جرّبت قوى الاستعمار والطغيان استخدام الأدوات المحلية الجوفاء وتلك المأجورة والمتسترة بثوب الدين، وكانت هناك قطر والسعودية بالإضافة الى الدور التركي الذي حصل على وكالة أميركية للقيام بالمهام الموكلة إليه، لكن هذا الدور بقي أسير التصريحات الجوفاء ومحاولة اغتنام الفرص السانحة، وشكّل ما يسمى “المجلس الوطني” والمعرّف بـ “مجلس اسطنبول”، لكن حسابات الحقل اختلفت عن حسابات البيدر، وكان للانتصارات الحاسمة التي حققها الجيش العربي السوري في الميدان والدعم القوي من منظومة المقاومة ممثلة بإيران و”حزب الله” الأثر البالغ في إفشال خطط الأعداء وأدواتهم.
الوقائع على الأرض أذهلت أصحاب المشروع المعادي لأمتنا، وهذا ما جعل القضية السورية تتصدّر جدول أعمال قمة الثماني ووجهت انتقادات حادة للرئيس الأميركي الذي اضطر الى تقديم جرعة جديدة من الوعود بتقديم الدعم العسكري لما يسمى المعارضة، والمقصود هنا جماعات المرتزقة والعصابات المسلحة وتلك التي تتستّر بالدين والتي تمّ دفعها الى المنطقة بشعارات التضليل من أجل الاستمرار في استنزاف القدرات العربية السورية.
وتذرّع الأميركي بأن تغيير حساباته في شأن سوريا مردّه “استخدام الأسلحة الكيماوية” وتدخل “حزب الله” في المعارك الدائرة هناك.
الأميركي اليوم في موقف صعب، فهو يصرّح ويعلن بوضوح، أنه لا يؤيّد فرض “منطقة حظر طيران” في أجواء سوريا، الأمر الذي يتطلّب التزاماً قوياً من سلاح الجو الأميركي والأوروبي في مواجهة الدفاعات الجوية السورية الكثيفة والقادرة على تكبيدهم خسائر فادحة تصل الى حد هزيمتهم وفشل مشاريعهم.
الخيارات الأميركية الجديدة وصفها مسؤول أميركي سابق “أنها خيار منخفض التكلفة الى حد ما” وعبّر عن قلقه من أن المساعدات الأميركية المزعومة جاءت متأخرة شهور، وهذا ما أكّده دنيس روس بأن التردد لايزال موجوداً والرئيس أوباما يسأل عن جدوى أي خيار تجاه سوريا ويقول: “أخبروني بتداعيات الخطوة (س) وكيف سنسهم في تغيير الوضع وتثمر النتيجة التي ننشدها“.
من هنا نفسر استبدال الدور القطري الذي أفلس بالدور المنوط بـ “الإخوان المسلمين” في مصر.
ما قاله مرسي حول سوريا يفضح كل المزاعم وكل مَن يراهن على هؤلاء الذين تحولوا الى أدوات طيعة في خدمة المشاريع الاستعمارية.
محمود صالح