لم يصل مستوى عالم من علماء الأمة إلى هذا المستوى من الانحطاط الفكري خلال العقدين الأخيرين كما وصل اليه حال الشيخ القرضاوي، ولا شك أن ذلك إنما يعود إلى مواقفه ودوره الكبير في الهجوم على مرتكزات القوة عند الامة وانتقاده للمقاومة في لبنان .
آخر ما استمتعنا به من هجمات هو البيان الذي أصدره القرضاوي المنخرط بالكامل في المعركة إلى جانب الجماعات المسلحة في سوريا والذي دعا المراجع الدينية إلى رفع الغطاء الإسلامي عن حزب الله ووصفه ب”الارهاب” بعد وقوفه الى جانب النظام في سوريا في مواجهة كل الذين أمعنوا قتلا وذبحا بالشعب السوري وكل الداعمين للعصابات المسلحة بالمال والسلاح.
مواقف القرضاوي في الآونة الاخيرة هي أسخف من أن يجري الالتفات إليها، تماما كما هي حال البيانات والتصريحات التي تصدر عن التنظيمات والحركات التكفيرية الداعمين لاعمال العنف والقتل في سوريا ، فهؤلاء لا يكتفون بالهجوم على المقاومة ، وإنما يشملون كل الأمة التي تساند الشعب السوري.
والحال أن مسلسل الهجمات على حزب الله لم يبدأ مع “الربيع العربي”، ولا من فتاوى القرضاوي وامثاله بل بدأ قبل ذلك، وكان لافتا أن جزءا كبيرا منه في الزمن الماضي كان من أوساط “دول الاعتدال” لاعتبارات الحسد من حضوره فيما التيار التكفيري التقليدي من أكثر التيارات الفكرية هجوما على المقاومة ، وبالطبع لاعتبارات المنافسة والحضور، ولاعتبارات فكرية وسياسية وعقائدية وحتى وجودية .
ما يعنينا اليوم هو ذلك الهجوم الذي يستبطن جانبا سياسيا، أكان قديما أم حديثا، وفي الحالة الأخيرة يتصل بموقف حزب الله من “الربيع العربي” بشكل عام، حيث وقف دون تردد إلى جانب الشعب السوري في خروجه ضد الظلم والارهاب والتكفير وإن كانت له مطالب سياسية بعضها مشروع ويستحق الاستماع إليه.
لن ينسى العرب والمسلمين صور القرضاوي في الشوارع وهو يصافح حاخامات إسرائيليينالذين يضمرون العداء لفلسطين ويجاهرون بمواقف الحكومة الاسرائيلية في عدوانها واحتلالها لفلسطين وتشريد شعبها.
الشيخ القرضاوي يخطئ دائما ، ويتأثر بالأجواء السياسية التي يعيش فيها أو يسمع عنها ،وربما يكون تقدمه في السن لم يعد يسمح له بمتابعة يومية خارج سياق ما يسمع ممن يثق بهم، وهو ليس معصوما بحال، لكن وضعه بالجملة يمكن قياسه من ضمن سلة سياسة حكام قطر الذين ابتعدوا كثيرا عن ضمير الأمة في مجمل آرائهم ومواقفهم ، رغم ما رتبه عليهم ذلك من هجمات لا تتوقف بعد تورطهم في الازمة السورية.
هكذا بدا أن الشيخ قد فقد أعصابه حين وصف حزب الله “بحزب الشيطان”، الامر الذي رأى فيه عدد من العلماء ردة فعل من قبل إنسان غير مؤمن ولا يحترق لما يشاهده من قتل على ايدي الجماعات المسلحة في سوريا ، وذلك هو حال تجار السياسة ومرضى المذهبية واسرى الاهواء والمصالح البعيدين كل البعد ع باجتهادهم عن الله عزّ وجلّ.
^