هل يترك الموحدون الدروز جبل العرب مستعمرة ل”جبهة النصرة” أو مأوى لتنظيم القاعدة والمتطرفين والإرهابيين أم يتداعون سريعاً الى تحريره من براثن هذا الغول الساعي الى افتراس سوريا فها هو بعد ان اصبح له انصاره واتباعه في لبنان ووضع يده على العراق يحاول ان يحكم قبضته على سوريا، قلب العروبة النازف، وفيما يعبث “الارهاب” بدم شعبها تحسّن الادارة الاميركية موقعها التفاوضي دوليا على حسابها، بينما دول عربية وخليجية تشارك في هذه الجريمة ضد الانسانية.
الموحدون الدروز التاريخ والجغرافيا والشعب والانتماء، حجر زاوية في المشرق العربي فان سقطوا تهاوى البناء كله، وعمته الفوضى والخراب، وربما استوطنته الحرب ألف عام أو الى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا، لذا فإن إنقاذهم اليوم هو إنقاذ للعرب، وقطع يد الشر العابثة فيها قطع لدابره الذي يتربص بنا، وفتح باب الحوار أمام الجميع ، وإقفال لأبواب جحيم تستعر نارها في لبنان وبلاد الشام مهد الابجدية التي لا يجب ان تصبح لسانا ناطقا “بالنصرة” ، او تتحول بوابة الفتوحات العربية بابا لغزو الاطلسي ومعقلا للارهاب.
أن يهب الموحدون الدروز لإنقاذ سوريا ليس تنازلا عن مبدأ، ولا تراجعا عن موقف، وهم بذلك لا ينقذون نظاما أو أشخاصا بعينهم، بل إنهم يوقفون حمام دم وينقذون بلدا عربيا وقف في احلك الظروف الى جانب المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة .
فلماذا لا يجلس الموحدون الدروز في لبنان وسوريا الى طاولة واحدة، بل ويجمعون انفسهم تحت سقف البيت العربي وذلك سيبقى أكثر نجاعة للبنان وسوريا من السم الذي ينفث ومن الحرب المستمرة في بلاد الامويين وتزايد اعداد القتلى والجرحى والنازحين .
لن يبقى الموحدون الدروز متروكين للمجهول، فهؤلاء يرون أنهم يخوضون معركة مصير ووجود في سوريا ، أي بالعامية “يا قاتل يا مقتول”.
حتى إذا انتصرت “جبهة النصرة” و الجيش الحر والجماعات المعارضة للنظام، وهذا امر مستبعد، فماذا سيكون مصير الموحدين الدروز في سوريا ؟ وهل سيلاقون مصير الدول التي تفككت أم ستسود لغة الانتقام والثأر بينهم وبين قوانين العزل والاجتثاث التي فرقت الشعوب؟
على القادة والزعماء الدروز أن يفكروا جيداً بحل جديد لا يستند إلى حسابات الماضي ولا إلى مواقف العناد، فالظرف لم يعد يحتمل العناد، لأن الاستمرار على هذا النحو سيفتح أبواب سوريا أمام كل الطامعين، وفي هذا العالم طامعون كثر بالموحدين الدروز وبسوريا، والدول التي ستتدخل فيها ستعمل على تحقيق مصالحها كونها ليست جمعيات خيرية، وبلدان الربيع العربي أقرب الأمثلة.
الموحدون الدروز بحاجة في هذه المرحلة الى موقف جريء و خطة طوارئ واقعية واستثنائية تحفظ سوريا، أو ما تبقى منها، قبل ان يفتك بهم مرض التفتت والضياع، وقبل ان يسلمون مصيرهم تحت وطأة فتاوى التكفير والقتل عنها الى “جبهة النصرة” او جماعات التطرف من أي لون كانت والتي تسعى الى جعل مثوى الانبياء موطن الارهاب والفتن، وحصان طروادة لهدم العالم العربي والسيطرة عليه.
إنقاذ سوريا عربيا يعني إنقاذ لبنان ، وإقفال الباب الى الأبد بوجه أطماع “الارهاب” في العالم العربي، لذا يجب ألا تترك دمشق باباً مشرعاً تهب علينا منه رياح الشر، علينا ان نسده لنستريح، ولا نغالي إذا قلنا: هلمّوا جميعا يا اهل التوحيد الى إنقاذ سوريا، فالقضية ليست قضية منتصر أو مهزوم إنما هي قضية عربية حتى لو أدى ذلك إلى طرق أبواب كنا نتحاشى سابقاً طرقها تحت ضغط العناد والزهو الشخصي.
**