في يوم الإنتصار “25 أيار عيد المقاومة والتحرير”، يروي لنا هذا اليوم وبصدق صورة لبنان المقاوم وحكايات البطولة والفداء وقلوب أحبت الوطن والأمة وعقول كبيرة نيّرة مفعمة بالإيمان والاعتزاز والكبرياء ورفض الضيم ورؤية موحدة عرفت بوصلتها بشكل واضح، وقررت دون رجعة العمل على استئصال الغدة السرطانية من جسم الأمة، إن ما يسمى “إسرائيل” هو مجرد كيان زُرع في أرض فلسطين العربية، وأرادت منه القوى الاستعمارية أن يظل معول هدم وتدمير وكرأس حربة للإنقضاض على آمال وطموحات أبناء أمتنا في التحرير وصون الأرض وكرامة الإنسان العربي.
لبنان العربي المقاوم ضد الصهيونية والاستعمار وكافة أشكال الهيمنة والغطرسة، والمصمّم على تحرير أرضه وحفظ كرامة كل اللبنانيين وأبناء أمته، خرج من بين الدمار والأنقاض متجاوزاً كل العوائق والظروف الصعبة، اختار المقاومة خياراً وسبيلاً، ورجالاً وعدوا فصدقوا وكان النصر المؤزر حليفهم ورفيقهم في كل زمان ومكان.
يوم الانتصار “عيد المقاومة والتحرير” (25-5-2000) لم يكن يوماً عادياً في حياتنا، إنه يوم الحقيقة والمقاومة والتحرير، الحق يؤخذ كما الحرية والمقاومة ولا يستجدى، عمليات المقاومة الإسلامية والوطنية اللبنانية، وبفعل تضحيات الشهداء وضريبة النضال والكفاح والجهاد ضد العدو الصهيوني ومن خلال تراكم الإنجازات، استطاعت أن تحقق الانتصار ودحر العدو عن جنوب لبنان محققة بذلك انتصاراً نوعياً كان له ما بعده سلسلة أخرى من الإنجازات التي شكّلت رافعة هامة لكل المقاومين في أمتنا والمتطلعين الى رفعتها وعزتها.
أثبت رجال المقاومة الإسلامية والوطنية، أن المقاومة هي الطريق الأقصر لاسترداد الحقوق وتحرير الأرض بعيداً عن أوهام المفاوضات، مزقوا القرارات البالية الصادرة عن مجلس أمن تتحكم في شؤونه طغمة تعلن صراحة ولاءها للصهاينة وتقدم لهم أحدث الأسلحة الفتاكة لفرض هيمنتهم على المنطقة.
لم ينفع القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن في تحرير حبة تراب واحدة من أرض لبنان العظيم، كما لم تنفع جميع القرارات الدولية في تحرير شبر من أرض فلسطين.
وقبل يوم التحرير والانتصار (25 أيار 2000) لسنوات، استطاعت المقاومة الإسلامية والوطنية تكبيد العدو الصهيوني خسائر فادحة في أرواح جنوده وآلياته وجعلت احتلاله للارض اللبنانية مكلفاً للغاية، وعلت صرخات الصهاينة في كيانهم الغاصب تنادي بالخروج من لبنان، وأصبحت مسألة الخروج من لبنان من ضمن برامجهم الانتخابية، حتى أن إيهود باراك أعلن قبل يوم التحرير بعام بأنه سينسحب من لبنان إذا فاز بالانتخابات البرلمانية.
وفشل العدو في تأمين المنطقة العازلة التي أقامها ووضع فيها العملاء، هؤلاء الذين دفعوا الثمن مرتين، ثمن عمالتهم الرخيصة لدى العدو وثمن تلقيهم ضربات المقاومة، ثم خزيهم ولعنة الأجيال.
استطاعت المقاومة الإسلامية والوطنية، أن توطد تلاحمها العضوي مع سوريا المقاومة والممانعة التي قدمت كل أشكال الدعم، وكذلك كان للدعم الذي قدمته الجمهورية الإسلامية الإيرانية دوره الأساسي في تأمين مستلزمات البناء والأعداد وتكاملت الأدوار في منظومة المقاومة.
ساعة التحرير، وحدهم رجال المقاومة من ضبطوا توقيتها، ورغم محدودية إمكانياتهم التسليحية مقارنة بما يملكه العدو الصهيوني الغاصب من أسلحة حديثة ومتطورة والممولة من نقط “العرب” المنهوب أميركياً وصهيونياً.
رجال أقسموا بألا ينعم المحتل الصهيوني الأمن والاستقرار طالما بقي شبراً من الأرض المحتلة تحت الاحتلال، بدأ العمل بخطوات واثقة صادقة وشجاعة، وزلزلوا الأرض بما يملكون من قدرات وإيمان وإرادة، تقدموا بثبات وتراجع العدو مدحوراً مقهوراً، وتحررت الأرض التي رويت بدماء الشهداء.
“يوم المقاومة والتحرير” محطة نضالية أساسية وهامة أثبتت انتصار خيار المقاومة المظفرة طريقاً لتحرير الأرض، وشكل مقدمة هامة لإندلاع انتفاضة الأقصى في فلسطين (أيلول 2000)، وهذا ما يؤكد وحدة المقاومة في الرؤية والهدف والتكامل والإرادة، وبذلك انتقال العمل الفلسطيني المقاوم الى مرحلة جديدة من النهوض في مقارعة الاحتلال الصهيوني.
ساهمت المقاومة الإسلامية والوطنية في كسر هيبة العدو وقوة ردعه وغطرسته التي طالما تشدق بها، تغيّرت المعادلات في المنطقة بشكل كبير، وأصبحت المقاومة نبراساً وإلهاماً لأبناء أمتنا، ارتفعت المعنويات وبدأ حراكاً جديداً وإعداداً لمزيد من التقدم على هذا الطريق.
جن جنون العدو وأسياده في واشنطن، بعد أن أثبتت المقاومة أن هذا الكيان هش، وأوهن من بيت العنكبوت، كما قال سيد المقاومة، أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله.
وفي عام 2006 حاول العدو أن يسترد بعضاً من هيبته المفقودة، فشن عدوانه على لبنان واستخدم أفضل ما في ترسانته الأميركية من وسائل القتل والدماء في محاولة لكسر إرادة المقاومين ولإيقاف زخم الانتصار الذي تحقق في 25 أيار 2000، لكن العدو فشل في تحقيق أهدافه بفضل بسالة المقاومين وتصديهم البطولي للعدوان ونقل المعركة الى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكانت معادلة ردع جديدة حققها المقاومون، وظهر لبنان شامخاً بالعزة والفخار من خلال تلاحم الجيش والشعب والمقاومة في معادلة هامة أذهلت العالم.
يا أبطال المقاومة المنتصرة، يا أصحاب العطاء والوفاء والصدق والشهامة والتضحيات والهامات المرفوعة والجباه العالية، أنتم عنوان الكرامة والكبرياء، سجّل لكم التاريخ، بأنكم وعدتم وصدقتم وكان الانتصار، بكم تزهو الأمة بأكملها، ومن خلال رؤيتكم نضيء طريقنا نحو فلسطين لتحريرها من رجس الصهاينة.
أنتم عنوان مسيرة مظفرة نحو القدس وفجر جديد من الحرية والتحرير لكل أمتنا، ستبقى رايتكم عالية خافقة، وأجيالنا اتخذت من الإنتصار فاصلة نحو تحقيق أسمى وأنبل الأهداف العظيمة.
أسرة “منبر التوحيد”