حفلت القنوات الفضائية الايام الماضية بمشاهد لم نر أبشع منها منذ مئات السنين، “انسان” يدعي أنه يقاتل من أجل “الاصلاح ” يقوم بتقطيع جثة، قيل إنها لجندي في الجيش العربي السوري ، ثم ينتزع قلبه وكبده ويهم بأكلهما .و”انسان ” آخر من “جبهة النصرة ” ، يقرأ فتوى ” تكفيرية” تدعو الى إطلاق النار من مسدس على رؤوس 11 شخصاً ادعى أنهم جنود ، مؤيدون للنظام السوري !
وبغض النظر عن صدقية هذه المشاهد التي نراها على الشاشات إلا أن ما لا يمكن نفيه من قبل أي جهة كانت، عربية أو خليجية او أجنبية، ، الحقيقة التي تكشف أن الوضع في سوريا انحدر إلى مستوى الكارثة الاخلاقية والفكرية والسياسية والعقائدية ، ففي كل حي محكمة “مفتي” يصدر أحكامه بشكل سريع بالقتل ، ولسان حاله كلسان حال “تنظيم القاعدة ” الذي يقوم بتفجير قنابل وسط المدنيين، وعلى اعتبارهم “كفار” يجوز قتلهم .
هذا بالضبط ما يُسمى تحريف الدين عن مبادئه السامية وتجييره لمصلحة تشويه الحقائق، وتبرير الإجرام والارهاب ،ودب الرعب في نفوس المواطنين الابرياء ،واستغلاله في السياسة والقتل .
إن أخطر ما يحدث حالياً في سوريا وغيرها من بلدان “الربيع العربي” هو استغلال الفتاوى التكفيرية للاعتداء على حرمة البيوت ودفع الشاب العربي والمسلم لقتل والده بحجة انه لا يتردد الى المسجد للصلاة،او امه لانها اصبحت غير صالحة مجرد انها تشاهد التلفزيون !
الفوضى في إطلاق الفتاوى هي التي تستدعي من المتنورين في الاسلام التركيز عليها بعد ان اصبحت فوضى الفتاوى الشاذة والجدال في الدين بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير هي المسيطرة على الساحة اليوم . وهذه آفة كبرى، لبست ثوب “الاسلام” ونزلت إلى الارض لدب الخلافات وخلق الحواجز بين العامة .
ما يحدث في سوريا، كما يحللها الخبراء، هو صراع نفوذ دولي، وليس بعيداً عن فكرة (الشرق الأوسط الجديد) الذي نادت به كونداليزا رايس وهو لا ينفصل عن تصورات المفكرين الغربيين الذين رسموا تضاريس “حمام” الدم من خلال قيام الدويلات الامر الذي يؤدي الى حتمية انحدار البلدان العربية والتناحر والاصطفاف المذهبي بحجة نشر الديمقراطية أو الحرية، وربما تلبية لحاجة شخصية في إطار تحقيق الذات، فدخول الجنة يمكن أن يتم من آلاف الأبواب، وليس أولها أن يأكل أحدهم قلب جندي، أو يقوم آخر بتشكيل محكمة شرعية وإصدار أحكام بالقتل، في الوقت الذي تستغرق المحاكم سنوات قبل أن تصدر حكماً بالسجن مدى الحياة على متهم، فما بالنا بالحكم بالإعدام.
^