شيء مثير حقاً ويدعو للدهشة أو حتى الجنون: كيف ترفع احد القوى السياسية في لبنان شعار “كلنا قانون الستين “، وماذا يعنون بهذا العبارة وقد مات هذا القانون من سنوات وشبع موتاً؟! هذا يحدث على المنابر كل يوم ، صحيح أن اللبنانيين في حالة ارتباك واضطراب وتوتر شديد، بعد أن تحول الاستحقاق النيابي المزعوم في حزيران المقبل من حلم إلى كابوس، ومن جسر ممتد إلى مستقبل لامع إلى طريق ملتو نحو غد مجهول ، وانحرفت أهدافه من تغيير حياتهم إلى الأفضل إلى مصادرة ارادة الناخبين وسرقة اصواتهم ، لكن أن يصل ارتباك بعض القوى السياسية إلى هذا الخلط بين الصحيح وغير الصحيح فهو أمر مخيف!
وفي الحقيقة لا نعرف ما هي علاقة قانون الستين بالديمقراطية والتمثيل الصحيح ، فحسب علم كل من هو متابع للحياة السياسية في لبنان لم نلاحظ هذه التعددية السياسية تحت وصاية “الستين” إلا إذا كانت سياسات التهميش والاقصاء والتبعية والاستئثار بالرأي تعد “ديمقراطية” !
أخرجت المطابع عشرات الكتب بالتفاصيل والوقائع والمستندات وبلغات مختلفة وكلها تثبت أن قانون الستين كان مجرد أداة لضمان سيطرة الاقطاع المالي والسياسي على مقاليد السلطة على حساب البعض الآخر.
والسؤال: هل لبنان في حاجة إلى مخاصمة العصر والعودة إلى الماضي عبر اعادة احياء قانون الستين ، أم في حاجة إلى القوانين الحديثة والتفكير المنظم ومصالحة العصر وإصلاح نظامه السياسي وانتشاله من مستنقع التخلف الذي يسبح فيه منذ سنوات طويلة ؟
في عصور الانحطاط يتمسك الناس بمظاهر الحياة ولا يهتمون كثيرا بجوهرها، فتتراجع قيم العمل والاجتهاد والمثابرة والإصلاح والتغيير والتقدم، وتختفي الحقائق والمعلومات وتنتشر الأكاذيب والشائعات، تنتكس السياسة والثقافة والفنون الرفيعة وترتفع أعلام الموروثات والخرافات الشعبية المتخلفة، ينحسر الجمال والعدل ويتوحش القبح والظلم، ينهمك الناس في صغائر الأشياء والتافه من الأمور.
فهل نجلس ونفكر: كيف نتخلص من أفكار عديمة ترى في قانون الستين كل الخلاص، مع أن الحياة منذ خلقها الله عز وجل حركة إلى الأمام لا تتوقف؟! وكيف نقفز إلى التقدم دون أن يطلب بعضنا عودة قوانين الاحادية البغيضة؟
^