من خلال استعراض سريع للمشهد السوري نجد أن المنطقة كلها تسير نحو الهاوية ، في ظل غياب الموقف العربي الموحد والتوصل الى مخرج لائق للازمة السورية التي تزداد تعقيدا واستعصاء بفعل التدخلات الدولية أو بالأحرى الصراعات الدولية بعد أن أصبحت بلاد الشام ميدانا للجماعات الارهابية المسلحة وهو ما يشي بتعاظم مأساة الشعب السوري ، واستمرار تدفق اللاجئين عبر الحدود لدول مثل لبنان والاردن والعراق ، وهو ما يتطلب من الحكومة اللبنانية الاسراع برفع ملف اللاجئين إلى جامعة الدول العربية لتتحمل مسؤولياتها بإنقاذ الشعب الشقيق سواء لجهة توفير المساعدات المادية العاجلة، أو لجهة تسريع الجهود العربية لحل الأزمة سلميا بعد فشل الجماعات في المعارضة السورية بحسم الموقف عسكريا.
وفي هذا السياق لا بد من الاعتراف بالدور الاساسي الذي تقوم به كل من روسيا والجمهورية الاسلامية في ايران من خلال الرمي بثقلهما لتحقيق الحل السياسي، كسبيل وحيد لوقف سفك الدماء وانقاذ سوريا ارضا وشعبا من التقسيم وإقامة الدويلات الطائفية، وقطع الطريق على المتطرفين، الذين يشكلون خطرا ليس على سوريا فحسب، بل على المنطقة كلها.
إن استمرار هذه الحرب القذرة وسقوط حوالي مائة الف قتيل، وتدمير البنى التحتية للدولة السورية وتهجير أكثر من خمسة ملايين إنسان في الداخل والخارج يعانون ظروفا مأساوية صعبة بعد تقاعس المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية عن تقديم المساعدات المطلوبة لهم للتخفيف من معاناتهم، كله يؤكد ان هذا المجتمع والدول المعنية بالأزمة، ليست جادة بحلها حلا سلميا بعد ان قام البعض بتوظيفها لخدمة اهدافه الخاصة.
إن اسوأ ما تمخضت عنه هذه الأزمة هو محاولة البعض تفسير ما يحدث بأنه صراع مذهبي بين السنة والشيعة وهو ما يعد إساءة بالغة للشعب السوري الشقيق، وللأمة كلها التي ما عرفت عبر تاريخها الطويل مثل هذه الأمراض القاتلة ،الامر الذي يزيد من قتامة المشهد العربي ، ويدفع “باسرائيل” الى استغلال الأوضاع العربية والفلسطينية البائسة لتكريس الأمر الواقع من خلال زيادة عملية الاستيطان والتهويد.
لا مناص أمام العرب إذا أرادوا أن يحموا انفسهم وكياناتهم من التشظي والتطرف والارهاب الا بالخروج من تحت عباءة حكام قطر وجماعة “الاخوان المسلمين” ومن مربع الخلافات والانقسامات والثارات والمعسكرات المتقابلة، والعودة إلى الجذور و وحدة الصف وعدم التفريط بالحقوق .
^