يأتي تصعيد الوضع في سوريا تقتيلاً ودماراً وتخريباً، تزامناً مع اجتماع اللجنة العربية مع وزير الخارجية الاميركية كيري الذي دعا امام نظرائه العرب إلى استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل الامر الذي سرعان ما لاقى آذانا صاغية عند رئيس الوزراء القطريا لذي اعلن عن دعمه لمقترحات الرئيس باراك أوباما حول “تبادل متماثل ومحدود للأراضي يتفق عليه” بين الطرفين وهو ما رحبت به تل أبيب اليوم الثلاثاء على لسان وزيرة العدل تسيبي ليفني المسؤولة عن المفاوضات.
ومن هنا، فهذا التصعيد الخطير هو بمثابة الرد على نظام الرئيس بشار الاسد وعلى طرحه المستند على احتضان المقاومة وبأن “اسرائيل” ليست معنية بالسلام، ولا بالامن والاستقرار، و هي تصر على تحقيق اهدافها القائمة على الاستيطان وتهويد القدس، وتحويل الارض المحتلة الى جزر معزولة، مما يستحيل معها اقامة دولة فلسطينية على كامل الاراضي الفلسطينية .
هذا التصعيد الخطير، ونعني استمرار التفجيرات الارهابية والتي كان آخرها محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي ،واستهداف المدنيين يوم امس في حي المرجة بدمشق الى جانب الاعتداءات الوحشية التي تقوم بها “جبهة النصرة” على الشعب السوري ، والمتمثلة بتدمير المنازل والمساجد ، كما فعلوا اكثر من مرة، ، وغيرها، يؤشر الى ان الجماعات الارهابية المسلحة المدعومة من جهات غربية وعربية وخليجية ماضية في نهجها الفاشي والهادف الى تفتيت سوريا واجهاض دورها على الساحة الاقليمية .
ليس سراً ان الدعم الاميركي اللامحدود ل”الاخوان المسلمين” هو السبب الرئيس في اطلاق الموقف القطري الذي يعود بنا بالذاكرة الى دعوة الولايات المتحدة متمثلة بالرئيس جورج بوش الأب الى عقد مؤتمر مدريد للسلام نتيجة للدور الكبير الذي لعبته واشنطن في حرب الخليج، فنتائج هذه الحرب وما انتهت إليه أوضاع الثورة الفلسطينية وما وصل إليه النظام الرسمي العربي من تفكك وشلل جعلت عقد هذا المؤتمر ممكناً بعد الجولات التي قام بها وزير الخارجية الاميركية جيمس بيكر ونجاحه في جمع الأطراف المعنية على قاسم مشترك بحده الأدنى وهو التصور الأمريكي للخطوط العريضة لأسس مفاوضات التسوية شكلاً ومضموناً.
لكن وعلى الرغم من كل هذه الاجتماعات وما أنتجته وما خلفته وبلورته من مسارات هوجاء، لا تحجب بعض استنتاجات المحللين، حيث يمكن القول، إن المشهد العربي سيبقى خلال عام 2013 امتداداً لمرحلة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلدان ما يسمى “الربيع العربي”، وقد يكون العام الحالي هو عام الحسم بشكل أو آخر للأزمة السورية، فرغم تواتر التقديرات الغربية بشكل خاص عن قرب انهيار نظام الحكم في سوريا، فإن المعطيات الميدانية لا تشير بأي شكل من الأشكال إلى هذا التنبؤ المتعجل، رغم أن الأزمة الاقتصادية أصبحت أكثر ألماً، لكن استمرار الجيش على موقفه سيُبقي النظام قادراً على الصمود، وبالتالي سقوط منطق التسويات الهشة في المنطقة .
^