دافعت ادارة اوباما عن “الإخوان المسلمين” في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا قبل أشهر معدودات،قبل ان تعود وتتهم “جبهة النصرة” بالتطرف والإرهاب، فيما طالبت “المعارضة” السورية بتطهير صفوفها منها حتى تتلقى الدعم المالي والعسكري من دول الغرب .
اما “الإخوان المسلمون ”لم ينكروا علاقتهم “بالنصرة” بل أصروا على اعتبارها حليفا لا وبل شريكا في “الجهاد” من أجل ” الاصلاح ” و“الديمقراطية” في سوريا .
ولسنا ندري ما سيقوله “اوباما ” بعد إعلان “النصرة”، “تجديد البيعة” لتنظيم “القاعدة” ،وماذا سيكون موقفه وهو الداعم الاكبر “للاخوان المسلمين” في المنطقة من دعوة “القاعدة” إلى إقامة “إمارة إسلامية” في بلاد الشام، تكون مقدمة لإعلان “الخلافة” الإسلامية، وتسخير “جهاد جبهة النصرة” لتحقيق هذه الغاية!؟
هل يقبل اوباما بمشروع “الإمارة الإسلامية” التي تُعْقَد بيعتها – لغيرهم؟ وهل يقبل بأن يكون العاملون لها، من مقاتلي “جبهة النصرة”، من أجل “الديمقراطية”؟
ليس هذا، وحده، ما على اوباما ان يجيب عنه، ثمة الكثير مما ينبغي أن يجيب عنه من أسئلة يطرحها “الرأي العام” على سلوكه السياسي، بل ويطرحها حتى بعض حلفائه في الغرب . إذا كان حلفائه في “الجيش السوري ” قد استهجنوا بيعة “جبهة النصرة” تنظيم “القاعدة” رافضين الانصياع الى حكم “الإخوان” وإلى التسلّط والهيمنة ومحاولة احتكار التمثيل والقرار التي تحاول ان تمارسها في سوريا فماذا عن علاقته مع قوى “المعارضة” غير المراهنة على العنف المسلح طريقاً إلى التغيير، ولا على توسّل التدخل الأجنبي لإسقاط النظام والدولة والوطن؟
وماذا يقول للملايين من المواطنين السوريين النازحين من مدنهم وأحيائهم وديارهم، منذ جاءتهم جيوش “المحررين” من الصومال والشيشان وغيرها من مدن العالم مبشرة إياهم بعهد “ديمقراطي” جديد، تُجَز فيه رؤوسُ العلمانيين والمسيحيين والدروز والعلويين والسنة والشيعة ، وتُفرض فيه أحكام الذمة والتكفير والنكاح واللواط وغيرها من الامور التي تتعارض مع الشريعة الاسلامية ؟
إن ادارة الرئيس الاميركي مسؤولة عن الكثير من وقائع هذه الفوضى التي تضرب، بمعاولها، وحدة سوريا واستقرارها، وهي مسؤولة لانها الاقوى في العالم والمتحكمة في لعبة المصالح الدولية والقرار فيها، وهي مسؤولة لانها تسيطر على السلطة في دول مثل مصر وتونس وليبيا عبر “الاخوان المسلمين” ، وهي مسؤولة لأنها تغطي جماعات تكفيرية وارهابية مسلحة تعمل على زرع الفتنة في سوريا وتدميرها وتسبغ على اعمالها الاجرامية صفة الشرعية بوصفهم إياها جماعات مشاركة في التغيير “الديمقراطي”، وهي مسؤولة لأنها دخلت في لعبة الصراع الطائفي والمذهبي، وهي تعلم أنها أقصر السبل إلى تفجير الكيانات والأوطان . . إلخ .
آن الأوان كي يقوم الرئيس اوباما هو بنفسه بمحاسبة ذاتية جريئة ترفعه إلى مستوى الأحداث والتحديات، قبل أن تجرفه تطورات مفاجئة قد لا تنفعه صداقة أصدقائهم الغربيين والإقليميين في كبحها وتفجيرات بوسطن الارهابية خير دليل على ذلك .
^