بعد زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الكيان الصهيوني، وإطلاقه مجموعة من الوعود والضمانات التي تؤكّد الدعم الأميركي المطلق لحكومة بنيامين نتنياهو، بدأت تداعيات تلك الزيارة تؤتي ثمارها لصالح الحليف الصهيوني، وبدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري بإطلاق العنان لقدراته الشخصية والتفنن في تقديم خدماته ومحاولته رفع أسهمه وهي عادة اعتاد عليها مَن سبقوه، واختار كيري هذه المرة، أن يحاول زرع الثقة بين حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية والهدف هو دفع الجانب الفلسطيني من أجل الدخول في عملية مفاوضات مكوكية جديدة دون أي أفق واضح أو أي هدف معلنـ وتشير أوساطه، أن الرئيس باراك أوباما لا يريد في ولايته الثانية أن يضغط على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ويفضل ترك التفاصيل الى فريق مختص رغم إعلانه، بأن مسألة التفاوض هذه هي من أولوياته في المنطقة.
والسؤال، هل تريد إدارة الرئيس أوباما، أن تستخدم القضية الفلسطينية والتي هي قضية حق كواجهة جديدة لإدارة ملفات المنطقة، أم أنها تحاول سحب هذه القضية من التداول دفعة واحدة ظناً منها بأن الوقت حان لإغلاق هذا الملف دفعة واحدة وتقديم الحل المرسوم الذي يرضي حكام تل أبيب، كونه سيحقق الأمن والأمان لهم كما يعتقدون، والاستفادة من مغانم ما يسمى “الربيع العربي” وقطف أولى ثماره.
وليس صدفة أن يركز وزير الخارجية الأميركي جون كيري على أهمية إحياء مبادرة السلام العربية وقوله بأن فرص نجاحها أصبحت متزايدة نتيجة التحولات الإقليمية وخاصة إذا ما تمّ تعديل تلك المبادرة وإفراغها من بعض مضامينها وبالتحديد ما يتعلق بعبارة “حق العودة” حيث مطلوب شطبها، ووضع عبارة جديدة تركز على “يهودية إسرائيل”، لذلك يسعى كيري لاستكشاف فرص تحقيق اختراق يدفع لعودة المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، واستعادة دور الدبلوماسية الأميركية المكوكية التي كانت تمارسها واشنطن قبل عقود في محاولة لإستعادة التوازن في المنطقة كما يدعي، وللإستفادة من الأزمة السورية قدر الإمكان.
وترى أوساط البيت الأبيض، بأن كيري مستعد لتكريس ثلاثة أشهر لمحادثات تمهيدية مع الجانبين يقدم في نهايتها تصوره لاستئناف المفاوضات، وأنه معني أيضاً بأن تقوم دول عربية بخطوات تدعم استئناف المفاوضات تلك، وهذا من شأنه أن يشجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على العودة الى طاولة المفاوضات.
ويرى مراقبون، بأنه خلافاً للماضي، تدرس “إسرائيل” الفوائد التي يمكن أن تجنيها من مبادرة السلام العربية وخصوصاً في حال نجح الأميركيون في إدخال تعديلات عليها، وتحديداً في تأكيد أهمية المركّب الأمني في المفاوضات كما تطالب “إسرائيل”، وصولاً الى نقل بوصلة الصراع في المنطقة باتجاه آخر مغاير ومطالب دول “عربية” ببذل جهودها لإنجاز هذه الخطوة.
محمود صالح