الكثيرون من السياسيين في لبنان يتحسسون من حديث الاصلاح، بوصفه حديثا اضطراريا للتغيير، وتهديدا لمراكزهم ، وتبشيرا لقوى جديدة وافكار جديدة تتبني المواجهة، واعادة هيكلة السلطة التي اسهمت طوال عقود في منع اي محاولة للتغيير، وازاحة المافيات السياسية التي ارتبط وجودها بمراكز الاستئثار في السلطة .
حديث الاصلاح هو حديث التغيير بالضرورة، لكنه يرتبط ايضا بحديث القوى والاحزاب السياسية التي تملك الاهلية لصناعة هذا التغيير،وتأمين شروطه وفاعلياته واتجاهاته ومعطياته…لذا فان الشروع بفكرة الاصلاح لم تعد فكرة اخلاقية فقط، بل باتت فكرة مفتوحة لمواجهة سلسلة من الازمات التي تواجه خطاب السياسة في لبنان.
حديث الاصلاح لايعني احترام جوهر القيم الديمقراطية والتعددية ولايعني الحفاظ على حقوق الناس في الاعتقاد والعبادة فحسب ، بقدر مايعني ايضا التخلص من جميع العوامل التي تسهم في انتاج التطرف وتكفير الآخر اللذين يتسببان بالضرورة بانتاج الارهاب الذي سرعان مايتحول الى افكار واشاعات وفتاوى تتبناها هذه الجهة او تلك.
ومن هنا ندرك اهمية فكرة التجديد، واثراء قيم الاصلاح من خلال الاسراع بتشكيل حكومة تتعاطي مع التحولات المستجدة على الساحة الداخلية ،والتوصل الى اقرار قانون للانتخابات يعزز مفاهيم اصبحت جزءا من عوامل التقدم عند المجتمعات المدنية كالدولة العادلة الجامعة والمواطنة الحقة والشراكة الفاعلة بين الجماعات والافراد .
فوبيا الاصلاح عند البعض هي فوبيا الفقدان، اي فقدان السلطة، والثروة والتسلط وهذه العناصر هي وسائل الدولة الاستبدادية التاريخية والمعاصرة التي يمعن بعض المستأثرين بالسلطة داخل الطوائف اللبنانية باستخدامها على حساب التوصل الى قانون انتخابات عادل يشكل الشرط الاساسي في تأمين شروط التجاوز من المحنة الداخلية التي تتمظهر باستقالة الحكومة والتهديد بتطيير الاستحقاق الانتخابي في حزيران المقبل .
^