يبدو ان مسجد الايمان في منطقة المزرعة بوسط دمشق اصبح ضيقا ينوء بحمل اثنين، لا يتسع لشيخه الجليل والعابث بأمن البلاد والعباد ، لا يتسع للمؤمن والكافر.
لا يتسع المكان لاثنين حين يكون الأول رئيس اتحاد علماء بلاد الشام الشيخ مجمد سعيد رمضان البوطي والثاني مرتزق يتنازعان على كل شبر في سوريا ونافذة وغيمة، على كل شجرة وعصفور وشرفة، على روايات التاريخ وألوان الغد المشرق ، على صك الانتماء ولون البلاد، الأول يريد الأرض كاملة سيدة حرة عزيزة من دون ارهابيين ، والثاني يريد تقطيع سوريا الى كانتونات مذهبية مقطعة الاوصال ، لذلك كان اغتيال البوطي ظناً بالمرتزقة والكافرين بأنهم بهذه الجريمة النكراء وبسفك دماء رجل مسلم مؤمن سيغتالون الحقيقة التي كان ينطق بها، مع أن الحقيقة أقوى من أن يخمد نبضها في القلوب والدروب، وذاكرة الأجيال.
في هذه الحرب الطويلة التي تمتد من أحشاء تاريخ بلاد الشام ولا ترضى بأقل من شطب الآخر،كان المنتصر الاكبر الشيخ البوطي لان الرجل باستشهاده قد حقق أمنية كان يطلبها لنفسه من ربه، كما يطلبها كل مجاهد مخلص أن تختم حياته بالشهادة، وهذا ما عبر عنه الشهيد عشرات المرات عن توقه ليبذل حياته دفاعاً عن أفكاره ومبادئه، ومن هنا فإن استشهاده على هذا النحو المروع كان أحد أمنياته التي طالما سعى إليها، بل وإنه توقعها في أكثر من مناسبة، ولم يكن يخشاها – شأنه في ذلك شأن الكثيرين من المؤمنين الذين سبقوه إلى رحاب الأبدية من أبناء الشعب السوريي الساعي لرفع الضيم والظلم عن كاهله.
سيبقى الشيخ البوطي رمزاً لاحتشاد الشعب السوري الكامل بشبانه وشيوخه ونسائه وأطفاله من حول قضيته، ومن حول وطنه وهويته وأرضه ،
رحم الله الشيخ البوطي ، وتلك الصدور الشماء، التي تحملت وتتحمل عن الأمة أعباء هذه الحرب الكونية التي تشن اليوم على الشعب السوري ويأبى الشيخ البوطي ، ويأبى كل مؤمن مسلم ، إلا أن تبقى سوريا عربية وصاحبة حق .
**