التحولات ما يمكن أن نطلقها على عام حزب “التوحيد العربي”، الذي عقد مؤتمره العام الأول هذه السنة، وانتقل من “تيار لبناني”، الى “حزب عربي”، لأن قضيته المركزية هي فلسطين، وهدفه الوحدة القومية بنواتها المشرقية والممتدة الى مساحة العالم العربي.
فحزب “التوحيد العربي”، الذي أسسه وئام وهاب، لم يكن في تفكيره، أن يكون محصوراً في طائفة، ومنعزلاً في منطقة، ويمارس السياسة التقليدية اللبنانية، بل هو حركة تغيير واضحة المبادئ، في بناء مواطن متحرر من قيود الطائفية والمذهبية والإقطاعية، ومحاربة الرأسمالية واحتكاراتها، والانحياز الى حقوق العمال والمزارعين والموظفين والفقراء وذوي الدخل المحدود.
هذا الحزب برز في سنواته الخمس من التأسيس فاعلاً عبر الدور السياسي في لبنان والموقف في العالم العربي والرسالة الى أحرار العالم، واستطاع رئيسه وضعه على خارطة الفعل في الجبل، وهي منطقة قد تكون عصية على الانزياح عن الولاءات السياسية التقليدية، فتمكّن من حفر الجبل وفتح ثغرات فيه، فخرج “توحيديون”، ظنّ البعض أنهم “طفرة حزبية”، والبعض الآخر تحدّث عن “حالة ظرفية” يمثلها وهّاب الذي سيعبر كما عبر غيره، لكن النشاط والجهد والعمل الدؤوب، هو ما فاجأ من اعتقد أن “تيار التوحيد” وتوأمه “حزب التوحيد”، هو غيمة صيف عابرة، فإذا به، هو الربيع الذي سبق كل ربيع آخر، وحدد الفصول الأربعة في منطقة ربما لا تعرف الفصول.
فهذا العام، تحوّل الحزب الى مؤسسة، يمارس الديمقراطية، ويجري الانتخابات في صفوفه، وتحصل المحاسبة، ولا أحد مقتطع له موقع أو مسؤولية، بل كل خاضع للتغيير، وإلا كيف يكون الحزب حركة تغيير، وهذا ما أرساه وهاب في مؤسسات الحزب، ووضع الجميع فيه تحت المساءلة التي هي في أسس الديمقراطية، وهي ثقافة إذا ما تكرّست في الأحزاب تنتقل الى المجتمع الذي عليه بالديمقراطية أن يمارس التغيير.
فالتحوّل في حزب “التوحيد العربي”، كان بالتأكيد أنه حزب وليس تياراً، وثبت ذلك، ثمّ في مأسسة عمله، لكن التحول الثاني كان في الممارسة وإقران القول بالفعل، فتمّ وضع حجر الأساس لمشروع صحي – اجتماعي – خدماتي، هو بناء مستشفى الصحابي سلمان الفارسي، حيث شكّل هذا الحدث الإنمائي، متابعة رسمية وسياسية وحزبية وشعبية، أن يقوم حزب فتي بهذا العمل الكبير الذي لقي تأييداً في منطقة الجبل، وتجاوباً معه، ظهر في الحضور الشعبي الكثيف للاحتفال الذي أقيم في المناسبة، مدعوماً بمباركة دينية من المرجعيات الروحية في طائفة الموحدين الدروز.
وفي عام التحولات، حاورت “منبر التوحيد” رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب، الذي بدأ الحديث معه من التحولات التي شهدها هذا العام في بعض الدول العربية، الى شؤون سياسية لبنانية وعربية ودولية وحزبية، وهنا نص الحوار:
عام على الثورات العربية التي يطلق عليها البعض تسمية الحراك الشعبي والبعض الآخر يسميها بانتفاضات شعبية، بعد عام على هذا الحراك ما هو تقييمكم له؟
لا شك أن هناك حراكاً شعبياً، وهناك أنظمة متعفنة، وأنظمة مهمتها فقط إرضاء الأميركيين على حساب شعبها، هذه الأنظمة كان لا بد أن يأتي يوماً ما لتسقط فيه، فالحراك الشعبي مطلوب والوطن العربي لا يمكن أن يعيش من دون ديمقراطية ويجب أن تطال الجميع خاصة أن هناك خطرين أو بالأحرى كابوسين على الوطن العربي وبالتالي على الشعوب العربية: أنظمة تصادر إرادة الشعوب وتأخذها الى المكان الذي تريده، وأنظمة أخرى تنهب ثروات الشعوب وتصرفها في المكان الخطأ، على سبيل المثال دول الخليج تشتري 200 مليار دولار سنوياً سلاحاً من أميركا وأوروبا، ومصر بحاجة الى 10 مليارات سنوياً لتسد جوع شعبها، والسودان بحاجة الى عدة مليارات وكل البلدان الفقيرة لبنان وسوريا والصومال … ترى بأن الثروة العربية تذهب الى غير العرب، هذا فصل آخر، ليست المسألة محصورة فقط بقمع تمارسه بعض الأنظمة أو بمصادرة الحقوق السياسية، بل المسألة الأهم هي نهب الثروات لأن أي شعب تؤمن له وضعاً اجتماعياً ما، لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام شعباً إرهابياً، وعندما يرتاح الشعب اقتصادياً يصبح إنساناً عادياً، ولكن إذا ذهبنا الى ما يحصل في سوريا اليوم، هناك مطالب محقة، وذلك يعود للفساد المستشري والأخطاء التي ارتكبت من قبل بعض المسؤولين الفاسدين، ولكن ما يجري في سوريا هو استهداف لها ولموقعها وليس ثورة شعبية لأن الأكثرية الشعبية لا زالت مع الرئيس الأسد، وصحيح أن هناك فئات تتحرك بقوة السلاح وتحاول التخريب وتقتل الجيش ولكن في المقابل طبعاً هناك مطالب شعبية محقة خاصة مع وجود حالة الفقر في العديد من المناطق السورية والفساد المستشري وعدم الأداء الجيد للدولة.
وحدة اقتصادية
برأيكم السبب في تلك الثورات هو التنمية البشرية؟
التنمية البشرية والحريات الشخصية والسياسية، وهذان سببان أساسيان، فكيف تستطيع أن تقنع الناس في دول نفطية كبيرة وغنية وفيها ملايين الفقراء، والمحتاجين والعاطلين عن العمل، وهذا هو وضع الوطن العربي اليوم.
وفي رسالة التهنئة التي أرسلتها الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بانسحاب القوات الأميركية من العراق، دعوته لقيام وحدة اقتصادية بين لبنان وسوريا والعراق والأردن لابأس، فهل تتخيّل أن هذه الوحدة الاقتصادية بين لبنان وسوريا والعراق ماذا يمكن أن تصنع في هذه البلدان الثلاثة من راحة اقتصادية وفرص عمل وسوق مشتركة وحدود مفتوحة، وهذا نموذج يمكننا اتباعه. وأستغرب لماذا في الدول النفطية، إن اللبناني أو السوري أو المصري أو السوداني أو اليمني أو التونسي بحاجة الى تأشيرة مرور ليذهب الى البلدان النفطية العربية، فهو كغيره يجب عليه أن يتمتع بهذه الثروة ويستفيد منها أما إذا بقينا كذلك أقلية تصادر الثروة وأكثرية فقيرة وبدون فرص عمل، وبتقديري لا يوجد شيئ اسمه ثورة بل تحرك الإخوان المسلمين وكيف يمكن هؤلاء في مصر أن يعالجوا الوضع الاقتصادي، إذ قبل ذلك عليهم معالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية.
لماذا تقدم الإخوان المسلمين أو الحالة الدينية أمام الفكر القومي أو التقدمي أو الليبرالي أو العلماني، ألأن الأنظمة التي سقطت كانت تحمل فكراً قومياً ومدنياً؟
النظام المصري لم يكن يحمل فكراً قومياً بل فكراً أميركياً- صهيونياً، في نظام حسني مبارك لم يكن هناك أي فرق بينه وبين إيهود أولمرت وإيهود باراك ونتنياهو، كما هم حاصروا غزة وضربوها كذلك مبارك حاصر غزة وإن لم يقصفها وجوّع أطفالها وأهلها. وكذلك الأمر بالبسبة لنظام زين العابدين بن علي.
برأيي هناك نظام قومي وحيد في العالم العربي هو سوريا اليوم، فسوريا لديها نظام قومي بكل ما للكلمة من معنى، في الموقع المقاوم والعربي، ولكن سوريا بحاجة الى إصلاح داخلي كما أنها بحاجة أن يقوم الرئيس بشار الأسد بحركة تصحيحية جديدة داخل النظام السوري.
هل تقدّم الفكر الديني سببه تراجع الفكر القومي؟
بل لأن الفكر القومي والخط القومي عجز عن تحقيق شيئ ما إن كان في موضوع فلسطين أو في موضوع العراق أو في عدة مواضيع أخرى، وربما الحركات الدينية التي كانت فاعلة أكثر و”حزب الله” نموذج في موضوع لبنان وحماس في فلسطين أيضاً، من هنا اعتقدت الشعوب أن الفكر الديني أكثر جذرية وهذا صحيح وخير دليل على ذلك “حزب الله” الذي بدا كفكر أكثر جذرية في موضوع فلسطين والمقاومة ومواجهة الكيان الصهيوني ولكن الأصوليين أقل جذرية في موضوع فلسطين وأكثر جذرية في تكفير الناس. اليوم فلنسأل الأصوليين ما موقفهم من موضوع فلسطين، إنهم يبيعونها خطابات وأين المواجهة التي قاموا بها ضد العدو الصهيوني؟ وأين كان لهم مساهمة في هذا الموضوع؟ إلا إذا لم تعد القدس أولوية لهم، على عكس ما نحن عليه، فبالنسبة لنا القدس وفلسطين هما من أولوياتنا، هذا هو أساس الصراع، وهناك سعي حثيث اليوم وحقيقي لتحويل الصراع من صراع حول فلسطين الى صراعات داخلية وفي طليعتها هذه الفتنة السنية – الشيعية، والكلام الخليجي اليوم على أن إيران تشكل خطراً على الخليج وعلى المنطقة هو كلام مشبوه وسيئ، لأن إيران ليست الخطر، لأننا نستطيع اليوم أن نستفيد من قدراتها وإمكانياتها لحماية أمن الخليج وأمن المنطقة.
بالنسبة لهم الأميركي أصبح اليوم هو الحل و”إسرائيل” هي الحماية، من هنا خلافنا مع تلك الدول على هذا الموضوع.
صفقة أميركا و”الإخوان المسلمين”
هل يبدو أن هناك صفقة بين أميركا والإخوان المسلمين؟
واضح أن هناك صفقة قوامها تسلّم السلطة في بعض الدول العربية والغنوشي فضح الإخوان المسلمين باكراً وبشكل كبير، وهو شخصية يبدو بأنها مرتبطة بشكل كبير بالأميركيين، ولكن باعتقادي ليس كل الإخوان يشاركونه الأمر لأن بعضهم مع القضية القومية العربية الأساسية ونحن نلتقي معهم على هذا الأساس، ونحن نلتقي مع أي شخص قريب من فلسطين، لذلك موضوع فلسطين هو الأساس والمقياس، وعلينا أن نراقب الإخوان المسلمين في الفترة المقبلة لمعرفة مدى اقترابهم من فلسطين أو بعدهم عنها، رغم أن الأميركي يوحي بأن موضوع فلسطين ليس في أولوية الإخوان المسلمين، وبدأوا يطرحون للإخوان مشروع التنمية الداخلية، نحن نطالب أميركا بأن ترفع يدها عن ثروات الأمة وتمنع العائلات من سرقتها ما يجعل التنمية تأتي بشكل طبيعي. ولكن الأميركي يغطي سرقة الثروات ويأخذ حصته منها ويعطي بعض العائلات حصتها، ولكن بالنتيجة المشكلة تقع على كاهل العرب.
هناك قول شائع في مرحلة الستينات والسبعينات بوجود عرب أميركا، هل هناك إسلام أميركي؟
بالطبع هناك إسلام أميركي، منذ أفغانستان وحتى اليوم، وبرأيي هذه الحركات الأصولية هي اختراع أميركي، ولا أريد أن أعمم هنا كل الأصولية لأن ليس كل الحركات الأصولية إرهابية منها ما هو شريف وضد الصهيونية، بالنسبة لنا الذي يكفر المسلم الآخر ويعتدي على الإنسان الآخر أكان مسلماً أو مسيحياً هو كافر وليس مؤمناً وليس له علاقة بالإيمان، الأصولي الذي يقتل بريئاً ليس له علاقة بالنبي صلى الله عليه وسلّم ولا بالقرآن ولا بالإسلام، هذه الحركات بتقديري هي حركات أميركية، الهدف منها تشويه الإسلام.
أين يكمن الدور التركي وبالتحديد حزب “العدالة والتنمية” في تلك الثورات وفي وصول الإخوان المسلمين الى الحكم؟
حزب العدالة والتنمية كان مكلفاً بمهمة واضحة منذ سنوات، هي حمل راية فلسطين وسحبها من قبل إيران، التي أصبحت خطراً على “إسرائيل” وعلى الأميركيين، فقرر الأميركيون تسليم هذه الراية إذا تمكنوا لمسلم آخر “لايت” يساوم ويفتح علاقات مع “إسرائيل” ولديه مراكز مخابرات إسرائيلية وما الى ذلك فقرروا أن أفضل مَن ينفذ هذه المهمة هو أردوغان وبالفعل تمّ ذلك.
هل خدع أردوغان العرب؟
نعم خدع أردوغان العرب وبالتالي خدع السوريين، والسوري أخطأ في حساباته مع أردوغان وخُدع من الأمير حمد بن جاسم آل ثاني وكان يمكن أن يحصل ذلك الأمر في العراق لو لم تنتصر وجهة النظر الإيرانية ويأتي نوري المالكي الذي وقف موقفاً شريفاً من سوريا ولم يخجل من موقفه أمام البيت الأبيض، وأعتقد الآن أنه سيحصل محاولة جدية لتدفيع نوري المالكي الثمن ولا أستبعد أن يبدأ الأميركيون بتشجيع بعض التكفيريين للبدء بعمليات انتحارية جديدة في العراق.
الإنسحاب الأميركي من العراق
بالانسحاب الأميركي من العراق، هل يتكرّر مشهد فييتنام؟
لا شك أن هناك هزيمة أميركية بالانسحاب، فالأميركي لم يتمكّن من فرض شروطه قبل الانسحاب، لأن الإيراني كان له بالمرصاد، إذ لم تقبل إيران مفاوضة الأميركي على التركة العراقية، إيران كانت مصرة على أن يستعيد الشعب العراقي قراره، وأن يقرر بنفسه، ورفضت الدخول في صفقة مع الأميركيين حول العراق.
المشكلة أن الظروف مختلفة اليوم بين فييتنام والعراق، لأن كل القادة العرب لديهم عقدة نقص تجاه الأميركيين، وأعتقد أن أميركا بـ “شخطة” قلم قادرة على إزالة أي أحد منهم، لذلك لن تكون النتائج كارثية على الأميركيين خاصة وأن أميركا قادرة على أن تستعيد سطوتها في المنطقة بأي لحظة معينة وهناك رهان أساسي على إيران بأن تقف بوجه هذه السطوة الأميركية في المنطقة، وبرأيي هناك رهان على النتائج الاقتصادية للعدوان الأميركي على العراق واحتلاله له، وستظهر في الداخل الأميركي، وستستمر.
هل تعتقد أن العراق سيذهب الى التقسيم بعد الانسحاب الأميركي منه، خصوصاً في ظل وجود دعوات للإنفصال في إقليم صلاح الدين؟
العراق اليوم مقسّم، جزء للأكراد وجزء آخر يشمل المناطق السنية، وأتمنى أن يبدأ حوار عراقي جدي لتوحيد العراق وليس لتقسيمه خاصة وأن الشرق والغرب السني هما بحاجة للنفط العراقي لتنمية هذه المناطق، والنفط موجود في الجنوب، وأتمنى أن لا تُخلق “إسرائيل” ثانية في الشمال الكردي.
ولكن الدولة الكردية تتكوّن؟
تتكوّن، ولكن مع الوقت لا يمكنها أن تعيش، لأن الأميركي يحميها الآن وبعد الانسحاب ستصبح بين عدة دول ليس لها مصلحة في الدولة الكردية: فلا إيران لديها مصلحة في دولة كردية ولا العراق ولا تركيا ولا سوريا، لذلك أعتقد أنه لن يكتب لها النجاح.
الخسارة التي تلقاها الأميركي في العراق، ومن ثم حلفاؤه تحديداً في دول الخليج، أن هناك سيطرة أو نفوذ إيراني مع نفوذ سوري، هل تدفع سوريا ثمن هزيمة أميركا في العراق؟
أكيد، وكان رأينا منذ سنتين وقلت ذلك في أكثر من مكان، بعد نجاح نوري المالكي في العراق وفشل مخطط مجيء إياد علاوي كان الأمر واضحاً لدي بأن سوريا ستستهدف، وكان واضحاً لدينا الأمر بأن في سوريا ستجري محاولات لإسقاطها لأن أميركا وحلفاءها خسروا العراق وأصبح لديهم مشكلة في أن يكون هناك خط مفنوح من طهران الى حدود فلسطين، هذه هي المشكلة الحقيقية، في النهاية أميركا لا ترى إلا بعيني “إسرائيل” في المنطقة، لذلك كان المطلوب ضرب نقطة ضعف معينة، فحاولوا ضرب حماس وفشلوا، وحاولوا ضرب “حزب الله” في العام 2006 ففشلوا، فما كان عليهم إلا أن يختاروا ضرب سوريا من الداخل كون سوريا الشريان الحيوي لكل المقاومات العربية إن كان في العراق أو في فلسطين أو في لبنان الآن، لذلك كان استهداف سوريا كتعويض عن العراق.
لا حرب أهلية في سوريا
الى أين يتجه الوضع في سوريا اليوم؟
المعركة طويلة في سوريا، لأنه لا يمكن لا تغيير سلوك النظام ولا النظام نفسه، سلوك النظام بالمعنى الأميركي هو دعم المقاومات العربية وموضوع فلسطين، المطلوب من النظام السوري التخلي عن المقاومة وعن فلسطين، تغيير سلوك النظام السوري كأن يصبح كأي نظام عربي تابع للأميركي، وهذا الأمر لا أعتقد أن الرئيس الأسد يمكن أن يقدم عليه.
الأمر الآخر، بتقديري أن الأمور في سوريا ستطول لكن لدى النظام عناصر قوة كبيرة وهذه العناصر ستسمح له معالجة الأمر، ولكن المعالجة ليست أمنية فقط بل يجب أن تترافق المعالجة الأمنية وتُحصر بالمقاتلين والمخربين والإرهابيين، كما يجب أن يتم معالجة موضوع الفساد وفرص العمل والحاجة وبطريقة سياسية.
هل من احتمال أن تذهب سوريا الى حرب أهلية؟
أستبعد الحرب الأهلية في سوريا لأن الإرهابيين يمثلون قوة محدودة وغالبية السنّة في سوريا، هم في الموقع القومي المقاوم التاريخي.
البعض يحاول أن يأخذهم الى مكان آخر ولا أعتقد أن الجو السنّي بشكل عام في سوريا سيكون خارج هذا الموقع القومي.
هل أحبطت سوريا موضوع التدويل بعد التجاوب مع المبادرة العربية؟
أحبطته بشكل جزئي، ولكن لا نعرف ماذا يُحضّر لسوريا. فحمد بن جاسم متبرّع لتدمير الوطن العربي وملتزم بقرار التدمير، بالرغم من أنه كان له دور إيجابي في إعمار لبنان بعد حرب تموز 2006 ونحن لا شك نحب الشعب القطري وقطر وما الى ذلك ولكن الدور القطري الذي يقوم به الأمير حمد بن جاسم غير مقبول وبكل صراحة ستلحق اللعنة بكل قطر نتيجة هذا الدور في المستقبل. وهذا ما نشاهده في الموقف المصري والليبي من قطر.
هل دخلت سوريا المشهد اللبناني أي اللبننة؟
في سوريا الجيش قوي وطالما هذا الجيش قوي وموجود فلا خوف على سوريا.
ولكن هناك استنزافاً للوضع الاقتصادي؟
بالتأكيد، ولكن أعتقد بأن إيران لن توفر جهداً في إنقاذ الاقتصاد السوري وهي تقوم بجهود كثيرة لشراء الكثير من الإنتاج السوري وهذا الأمر أراح الصناعيين والمزارعين السوريين، المهم أن لا تبدأ هذه العملية وتصبح أسيرة بعض الموظفين الفاسدين، بمعنى أن تصل المساعدة الى أهلها.
هل سيتأثر لبنان إذا ما تغيّر الوضع في سوريا لأن هناك من يراهن وخاصة سعد الحريري الذي يقول أن النظام بقي لديه أيام؟
هؤلاء كانوا “أزلام حسني مبارك” و”عمر سليمان” وعندما سقط مبارك وخرج عمر سليمان ماذا تغيّر في لبنان؟ لم يتغيّر شيئ، وفي لبنان معادلة طوائف ومذاهب للأسف، تحمي بعضها البعض.
هل النائب وليد جنبلاط راهن على تغيير النظام في سوريا؟
لا، لم يراهن النائب وليد جنبلاط على تغيير وسقوط النظام، وهذا ما أكّده خلال لقائنا معه مؤخراً، وهو يعتبر أن الأزمة في سوريا طويلة، ولديه رأي معين في كيفية حماية الدروز وقد نختلف أو نتفق على هذا الرأي، وحتى فيلتمان مقتنع أن المعركة طويلة.
الدروز في سوريا جزء من الشعب والجيش
ولكن النائب جنبلاط طلب من دروز سوريا بعدم المشاركة مع الجيش في مواجهة المتظاهرين كما قال؟
دروز سوريا هم ضمن الجيش، ولا يستطيعوا أن يكونوا إلا ضمن الجيش السوري، وهم يقومون بواجبهم ضمن الجيش كما يقوم السنّة والعلويين والمسيحيين وكل أفراد الشعب السوري، فالدروز ليسوا حالة منفصلة عن الشعب السوري.
هناك انقسام في الدروز في ما يتعلّق بالشأن السوري؟
نعم هناك رأيان، ولكن الدروز لن يختلفوا ولن يمارسوا الانقسام على الأرض، الوضع أخطر من أن يختلف الدروز اليوم، هناك زلزال على صعيد المنطقة ككل، نحن موقفنا ثابت الى جانب سوريا والمقاومة، ولكن النائب جنبلاط بالرغم من أنه أُخِذ عليه بعض الكلام إلا أنه مازال في الأكثرية وفي نفس الموقع السياسي.
بالعودة الى الشق اللبناني هل مازلت في المعارضة؟
نعم لازلت في المعارضة لأن الموالاة لم تقتنع بأنها أصبحت في سدة السلطة، ولم تقتنع بأنها أصبحت من الأكثرية ولازالت تمارس سلطتها وكأنها أقلية ومعارضة، لأنها لو اقتنعت بأنها أصبحت أكثرية كانت طرحت تصورها للحكم والتغيير، ولم تصدم جماهيرها بالطريقة التي صدمتها بها اليوم، الأكثرية صدمت الناس والجماهير التي ناضلت معها على أكثر من 6 سنوات ولم تترك أي جهد إلا وقامت به لتُصدم بأن المعادلة لازالت هي هي، وأن الرئيس ميقاتي ليس أفضل من الرئيس سعد الحريري.
أخطأت المعارضة بميقاتي
هل من قراءة خاطئة لحلفائك في المعارضة السابقة؟
كان هناك قراءة خاطئة لشخصية الرئيس نجيب ميقاتي. ولكن لو كان الرئيس عمر كرامي أو الوزير عبد الرحيم مراد كنا أمام مشهد آخر اليوم.
أنتم صاحب شعار السين – السين، ما تعليقكم؟
نعم، في ظل هذه المعادلة اليوم الواضح أنه من دون السين – السين ليس هناك إمكانية لعمل شيء في لبنان، فالأمور كلها مجمدة، حتى في التعيينات الإدارية.
السعودية قامت هي بصفقة مع السوريين فمن يؤمنها غيرها في هذه المرحلة؟
الناس لمسوا من فيلتمان الحماس للرئيس نجيب ميقاتي وليس للرئيس سعد الحريري.
لأن الرئيس ميقاتي موّل المحكمة؟
المحكمة موضوع آخر، لأنه لم يموّلها من جيوب اللبنانيين وهذا ما كنا نسعى إليه بل موّلها من المصارف التي تنهب اللبنانيين.
معارضتك لأنكم لم تنالوا شيئاً في التعيينات؟
لم تحص أي تعيينات حتى في الشرطة القضائية حصل تعيين واحد، ومعارضتي لأنه أصبح هناك اعتداء في الموضوع رغم احترامي للعميد ناجي المصري وهو ضابط كفوء ومهم ولكن كان هناك اعتداء على أحد الضباط لأن ليس له أي ولاء سياسي، هنا كان اعتراضي.
هناك شيء يجب أن يفهمه البعض، أن لعبة الأحادية أو الثنائية أو الثلاثية لم تعد تعنيني، وأؤمن بالدروز التوحيديين بمعزل عن انتمائهم السياسي التقليدي. نحن مع ديمقراطية الدروز وطرحت مشروعاً بديلاً ومغايراً عن الجميع، ولم أطرح مشروع مشاركة. وهناك واقع معين أصبح فيه حزب “التوحيد العربي” جزء من التركيبة السياسية الدرزية، لكن لا يعني أن هذا هو الهدف، هدفنا أن نكون بديلاً ديمقراطياً مغايراً للحالة السائدة.
أنتم تيار سياسي وليس بيتاً سياسياً؟
أكيد، والجميع يعرف أن اللعبة الدرزية تجبرنا في أحيان كثيرة أن نمارس لعبة الخدمات وهذا ما يحتاجه الناس.
هل انزعج الإقطاع من مبادرتكم بالعمل الاجتماعي؟
هذا ممكن، ولكن المؤسسات ستبقى للدروز، وبدأ العمل بالمستشفى، وتسلمت الشركة مهامها.
هذا المشروع يؤمن فرص عمل في المنطقة؟
يؤمن فرص عمل وخدمات والقسم الأول سنستلمه خلال سنتين، على أن نستلم الأقسام الثانية المتخصصة في فترات لاحقة.
مرتاح لوضع حزب “التوحيد العربي”
هل الحزب انتقل من المؤسس ا