بدعوة من نقابَتَي المهندسين والأطباء في سوريا، أقيمت ندوة في دار الأسد للثقافة في مدينة اللاذقية تحدّث خلالها رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب بحضور شخصيات سياسية وحزبية ونقابية وجامعية وحشود شعبية من أبناء المدينة، بحيث أكد وهاب على أن “سوريا لن تسقط ولن تستلم ولن تقسَّم، ولن تصبح دولة ضعيفة، ومهما سقط من شهداء، الكثير من الشرفاء في هذه الأمة مع الشعب السوري”، مشدداً “بأنّ سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد، اتّخذت قرارين لا رجوع عنهما: قرار الإصلاح والتطوير حتى النهاية، والحسم مع كل مَن تسوّل له نفسه مدّ اليد إلى سوريا أكان في الداخل أو في الخارج، إذ ليس هناك أحد مكان السلطان عبد الحميد ولا مَن هو في الباب العالي، ولسنا تحت الاستعمار، بل نحن أحرار، وكل التهويل الذي يُمارس سيذهب إلى غير رجعة”.
وتوجّه وهاب للحضور: “الرهان الأساسي كان بأنكم ستستسلمون خلال أيام، وبأنكم لن تقفوا على جانب سوريا، وستتركون بشار الأسد في الأيام الأولى، ولكن عندما سقط هذا الرهان، سقط جزءاً كبيراً من المؤامرة، وكلما وقفتم إلى جانب بلدكم ورئيسكم، تقهقرت هذه المؤامرة أكثر في الخارج. وكأنني بالتاريخ اليوم يعيد نفسه بعد أكثر من أربعين عاماً، فها هم شبابكم اليوم يخرجون إلى كل سوريا، ليحموها، كي تبقى قوية وموحّدة، وذات شأن في هذه المنطقة.
وتابع وهاب: “حاولوا تشويه كل الحقائق، وقلب كل شيء، فتخيّلوا أنّ بعض السفلة، الذين تناولوا السيّد حسن نصر الله والمقاومة في لبنان، هذا الرمز الكبير من أهم الرموز في هذه الأمة الذي غيّر مع آلاف المجاهدين كل القناعات في هذه الأمة، حاولوا إطلاق بعض الشعارات الصغيرة لتشويه كل شيء جميل في تاريخنا، وحاولوا أن يقولوا في رئيس سوريا الكثير، ولكن أسألهم: عندما استسلم الجميع منذ عشر سنوات، وعندما قالوا “بأمرك أيها الأميركي”، وعندما نفّذوا دفاتر الشروط، وقف بشار الأسد وحيداً في هذه الأمة كالرمح، واليوم يتحدث البعض عن المذهبية في سوريا، لكّن بشار الأسد فوق الحدود في الوطن العربي ويؤمن بالأمة لا بالطائفة والمذهب، أما أولئك، فلا علاقة لهم بأهل السنّة”.
أضاف وهاب: “كان المخطط أن تسقط سوريا بعد أسابيع من سقوط العراق، ولكن بقوّة رئيسكم وحكمته وبالتفافكم إلى جانب بلدكم، صمدت سوريا كل هذه السنوات، واستمرت كدولة لا يستطيعون تطويعها ولا تستمع للنصائح الأميركية والأوروبية، إلى أن وصل الأميركي إلى مرحلة طلب الدعم من سوريا والجمهورية الإسلامية الإيرانية كي يخرج من العراق، ولكن طبعاً لم يكن مقبولاً بالنسبة لهم أن تصبح سوريا دولة قوية بهذا الحجم، لذلك تحوّلوا إلى لبنان لاستهداف المقاومة، ومن ثم استهداف الداخل السوري اليوم”.
ولفت وهاب بأنّ “أخبار أردوغان وبيريز كانت كلها أخبار مدروسة لتقوية الموقف التركي، لأنّ وظيفته كانت مختلفة وبدأنا نراها واضحة اليوم”.
وقال: “يبدو أنه قد سقط من حسابهم أنّه لن يكون هناك بنغازي جديدة في سوريا، “زعلوا الأتراك والأميركان والفرنسيين فليزعلوا”، وأي بنغازي جديدة في سوريا سيتعامل معها الجيش العربي السوري كخطوة انفصالية وانقلابية وتآمرية، وأي دولة ستدعم هذه الخطوات ستصبح المواجهة معها،. لن نسمح لأحد بإسقاط سوريا، فهي لن تضيّع يوماً بوصلتها أي فلسطين وإذا خُيِّرنا بين معارك هامشية ومعركة أساسية، فتأكدوا بأن المعركة الأساس ستكون في الجولان وليس في مكان آخر”.
وتابع وهاب حول الموقف التركي: “الأتراك عاجزين عن أي تدخل في سوريا، وتبلّغوا من كل حلفائنا في المحور الممانع، أنّ أي اختراق للأراضي السورية، سيُقابل بردّ عنيف”.
وتوجّه للشعب السوري: “سوريا ستبقى قوية بكم وبجيشكم القوي، وإذا وقفتم أنتم إلى جانب بلدكم يسقط كل ما يُحاك ضده، إذ نلاحظ تغيّر مزاج الخارج وهذه طبعاً ليست صحوة ضمير، ولكنهم وجدوا أن المعركة مع سوريا طويلة، وبأنّ بشار الأسد ليس زين العابدين بن علي ليهرب وعائلته، بل سيبقى مع شعبه وسيموت إلى جانب جيشه. لذلك فإنّ حماية سوريا مهمّتكم، وإذا سقطت تسقط آخر القلاع في هذه الأمة، لذلك سنحمي سوريا وسنقاتل دفاعاً عنها وعن هذه الأمة، وأقول لكم: لن يستطيع احد انتزاع سوريا من أهلها وشرفائها وجيشها ومحبّيها إلا الله، ولكن يجب أن نناضل من اجلها كي نستحقها، وما نشاهده في هذه الحملة الدولية الظالمة خير دليل، فالإسرائيلي ينتظر سقوط سوريا، والعرب يعملون لذلك، والفرنسي غبيّ ولا أدري كيف يحاول السماح بإسقاط الدولة العلمانية الوحيدة التي تحمي الحريات الدينية في المنطقة، غير متنبّهاً بأنّ الأميركي يقيم الصفقة على حسابه”.
وتابع: “قطعنا جزءاً لا بأس به من مرحلة الخطر، ولكن أطلب منكم ألا تخلوا الساحات لأحد وألا تتركوا أحد يخرج متآمراً على سوريا، لأن الرئيس الاسد أعلن حركة تصحيحية جديدة من إلغاء قانون الطوارىء إلى إلغاء محكمة أمن الدولة، إلى موضوع الأحزاب والإعلام وغيرها، وبتقديري نحن أمام ثورة تغييرية بقيادة الرئيس الأسد، فقد تبيّن بأن المعارضة في سوريا منقسمة إلى قسمين: الأولى لديها نوايا جدية للإصلاح ولكنها قلة، والثانية مهمّتها محددة وهي إسقاط سوريا وتدميرها. ولكن لقد بدأت عملية الفرز في سوريا، ومَن يريدها أن تتطور تتقدم وتصبح افضل، حتماً سيتعاون مع الرئيس الأسد ومع النظام. أما الفريق الآخر، فموقفه معروف وواضح، واقول له: هما حصل في سوريا، و”لو نزلت السماء إلى الأرض”، لن يكون هناك حكم ديني أو سلفي، بل إنها ستبقى لكل ابنائها وطوائفها ولكن مواطن فيها. ولكن مَن يعتقد بأنه يمكنه أخذ سوريا إلى حكم فئوي أو مذهبي أو ديني فهو مخطأ، ومَن يعتقد بأنه يستطيع الضغط على سوريا أو على الرئيس الاسد، كي تساوم على رأس المقاومة في لبنان، أو على تمرير تسوية فلسطينية ما، فهو ايضاً مخطأ، وأي حرب قادمة على أي طرف من أطراف محور المقاومة، سيكون كل هذا المحور معنيّ بها، ومَن يعتقد بأن الضغط على سوريا سيمنعها من التحالف مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهو مخطأ جداً”.
وختم وهاب: “إنّ دفتر شروطكم على سوريا، مرفوض، وقد اختارت خيارين للمواجهة: الإكمال في عملية الإصلاح السياسي والإداري والإعلامي حتى النهاية، والمواجهة مع أية عملية إعتداء أو تخريب أكانت من الداخل أو الخارج”.
وبعد نهاية الندوة، زار وهاب بلدة القرداحة، ووضع اكليلاً من الزهر على ضريح الرئيس الراحل حافظ الاسد، وقرأ الفاتحة على روحه.
0