اعتبر رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب أنّ ” الجغرافيا، بقدر ما هي مهمّة، بقدر ما تكون أحياناً كثيرة قاتلة، وقدر سوريا أن تكون في هذا الموقع الجغرافي المهم والقاتل أحياناً، فهي على حدود فلسطين المحتلة، والعراق المحتل، وعلى حدود لبنان الذين يحاولون نقله من مكان إلى آخر. لذلك المطلوب منها العودة بالسياسة إلى داخل حدودها، والتنازع فيما بينها لتتحول إلى عشائر ومذاهب وطوائف متناحرة، بينما بشار الأسد يريدها سوريا الكبيرة والقادرة واللاعبة على ساحة الأمّة”، متوجّهاً للّذين يتحدثون في سوريا بلغة لم نألفها من قبل، في محاولة للتفرقة المذهبية والطائفية: “أيها الخبثاء، عندما دعم بشار الأسد المقاومة العراقية، هل نظر إلى هويتها ومذهبها؟ هل كانت تلك المقاومة سنّية أو علوية وشيعية، كي تقولوا أنه ينتمي لمذهب معين؟ وعندما دعم المقاومة في فلسطين، هل كانت المقاومة الفلسطينية شيعية أم سنّية؟ لذلك، فإنّ بشار الأسد ليس سنّياً ولا شيعياً ولا علوياً، وليس قائداً سورياً فقط، بل قائد عربي عابر للحدود في هذه الأمة، ولا يفكر إلا بهذه الطريقة، ولم يفكر يوماً لا بمذهب ولا بطائفة ولا حتى فقط بوطن، بل كان يعتبر أنّ الأمة كلها هي من مسؤوليته، لذلك تحمّل بقاء المقاومة الفلسطينة والعراقية في سوريا، رغم كل الضغوط، وتحمّل بقاء ودعم المقاومة اللبنانية رغم كل ذلك”.
كلام وهاب جاء خلال محاضرته في محيط قلعة حلب ضمن فعاليات التجمّع شباب سوريا، والتي دامت طيلة الخمسة أيام، بحيث قال وهاب: “ايتها المدينة التي لم تغيّري عهدك أبداً عبر التاريخ، فكما هزمَت قلعتكِ هذه كل مستعمر وغازٍ، ها أنتِ تجددين العهد اليوم بهزيمة كل مَن يقترب من سوريا ويعتدي عليها”.
وتوجّه لأبناء حلب: “أنتم اليوم في حلب تجدّدون العهد للوطن، وتهزمون هذه المؤامرة التي تُحاك ضد سوريا، وتعطون نموذجاً صادقاً للوحدة الوطنية فيها، وتقولون نعم لقوّة سوريا ومنعتها، ونعم لوحدة الجيش العربي السوري. ومن خلال وقوفكم إلى جانب رئيسكم الدكتور بشار الأسد، تأخذون سوريا التي وقفت على المفترق خلال الأسابيع الماضية، إلى المكان الصحيح، لاستمرارها في موقعها العربي. أنتم تثبتون بأنكم كنتم منذ اللحظة الأولى واعين لما يحصل حول سوريا، وكنتم تعرفون أنّ المطلوب ليس إصلاحاً أو تطويراً، بل شيئاً آخر، هو رزنامة سياسية تُخضِع سوريا، وتغيّر موقعها. لقد كنتم أوّل مَن واجه الهجمة التي انطلقت على هذه الأمة منذ سنوات، لأنكم كنتم تعرفون ما هو موقف سوريا والرئيس الأسد منذ اللحظة الأولى، وتعرفون بأنها اليوم تدفع ثمن وقفتها تلك طوال السنوات الماضية، خاصة وأنكم ساهمتم في دعم المقاومة العراقية منذ اللحظة الأولى لإنطلاقها، وشكّلتم الحاضن للمقاومة العراقية التي أطلقت الرصاصة الأولى على المشروع الأميركي في المنطقة، ومنذ ذلك الحين وسوريا لم ترتَح، والقرار اتُخذ بضربها وإضعافها، لأنها كانت الحاضنة الأولى للمقاومة في هذه المنطقة”.
أضاف وهاب: “سوريا الآن على المفترق، وأنتم الشعب السوري تقرّرون مستقبلها، فإذا كنتم تريدون سوريا القوية والشامخة والعزة والكرامة، ما عليكم إلا الوقوف إلى جانب رئيسكم وبلدكم، فلو قيلت الكلمات المطلوبة من الرئيس الأسد، لما بقيت سوريا كما هي، ولتغيَّر كل الوضع في المنطقة، ولكن هذا يعني التنازل عن موقع سوريا وموقفها وكرامتها وشموخها. ولأنكم مع سوريا كما عرفتموها، أقول لكم: عليكم الإلتفاف حول الجيش العربي السوري، الذي دافع عن كرامة كل العرب منذ حرب تشرين وحتى الآن، والذي حتماً سيدافع عن كرامة سوريا والشعب السوري، وعن كرامة كل هذه الأمة”.
وتابع وهاب: “يحاولون اليوم، تحريض البعض على المقاومة في لبنان، وأنا أقول لكم، بأنه عندما انتصرت هذه المقاومة في العام 2006 وقبل ذلك، انتصرت نيابة عن كل الأمة ولم تنتصر لطائفة او مذهب، وهي لن تكون لطائفة أو مذهب أو دولة في هذه الأمة، فهذا هو قرار المقاومة وقائدها السيد حسن نصرالله”، مؤكداً أنّ “سوريا قوية، ولكل مَن يهدد سوريا بتدخّل أجنبي، او بتدخّل أطلسي، أقول بأنه بيد سوريا عشرات الأوراق للعبها، إذا تجاوز أحد الخط الأحمر معها. لا تخافوا من التهويل الإعلامي ولا السياسي، فبالنهاية الربح هو لمَن يكسب الأرض، ومَن كان مثلكم يمتلك هذه الإرادة لن يستطيع أحد هزيمته”.
وتوجّه وهاب للشعب السوري: “مصير كل الأمة في يدكم اليوم، فإذا خرجت سوريا سليمة من هذه المعركة، نجَت كل الأمة، فالمهم أن يبقى القلب بخير، كي تعود أمّة شامخة كبيرة بمقاوماتها وشعبها وقادتها الذين من أمثال بشار الاسد، لذلك لا تخذلوا شرفاء هذه الأمة الذين راهنوا عليكم باستمرار عندما رفعتم رأسهم في حرب 1973 على قرى الجولان، مع الجيش العربي السوري، وعندما أوقفتم الحرب في لبنان وعندما دعمتم المقاومة العراقية ولم تدعوا المحتل الأميركي يرتاح يوماً في العراق. هذه الأمة تراهن عليكم وأثق بأنكم لن تتركوها تُحكَم من قِبَل هؤلاء الناس لمئة عام، وأن تكون دويلات صغيرة متناحرة يتحكم بها الإسرائيلي، فالمعركة كلها هي لحماية “إسرائيل”. سوريا اليوم قادمة على معركة اقتصادية لأنّ احتمالات التدخل الأجنبي سقطت فيها، فقد أدركوا خطورة اللعبة، وبدأت محاولات التخريب الداخلي تتلاشى، أمام حكمة الجيش العربي السوري، الذي أرادوا منه ومن النظام في سوريا القيام بردّة فعل على المجزرة التي حصلت في منطقة جسر الشغور، لكن هذا الجيش أحبط تلك الخطة ودخل في عملية نظيفة لحماية المنطقة، ولم ينجرّ إلى المخطط الذي كانوا يرسمونه لسوريا، كما وإنّ هذا الإلتفاف الشعبي اليوم حول الرئيس بشار الأسد، سيأخذهم إلى معركة اقتصادية. وكما أشار الرئيس الأسد، فقد تبرّع الفقراء من الشعب السوري، لدعم الليرة السورية، لذلك المطلوب من الفئة المقتدرة في سوريا أن تتحمل هذه الأزمة، فإما أن نخسر كل شيء، وإمّا أن نحافظ على جزء مما نملكه الآن ونعوّض ما يتم خسارته.
وختم وهاب: “أنتم اليوم تشكلون صمّام الأمان لسوريا، وقد راهن عليكم المتآمرون، فخسروا الرهان، وها هي الأمة العربية اليوم تربح الرهان معكم لحماية سوريا بعد رهانها عليكم، لذلك، اخرجوا بالملايين إلى ساحات حلب، لحماية سوريا وفلسطين والقدس ولحماية كل الأمة، اخرجوا وقولوا نعم لسوريا، ووجّهوا الشكر إلى كل الذين وقفوا إلى جانبها في مجلس الأمن من روسيا والصين، والذين منعوا تحويله إلى دمية في مواجهة سوريا، اخرجوا لتقولوا للعالم كله: هنا تولد الكرامة والعزة في سوريا، قولوا لهم سوريا لن تسقط لأنها مولودة في ليلة القدر”.
0