علّق رئيس حزب التوحيد العربي الوزير وئام وهاب، خلال حوار سياسي أجراه مدير الأخبار في مكتب لبنان محمد رضا طلاجوران، للتلفزيون الإيراني الرسمي – شبكة “خبر”، على الأحداث العربية الأخيرة، ومحاولات الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة من خلال بعض الأمراء السعوديين، مؤكداً على الدور الذي لعتبه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الآونة الاخيرة – ولا تزال – في حماية العالم العربي من تلك المحاولات.
أما عن هدف هذا التدخل السعودي، فقال: “السعودية تحاول تصدير أزماتها إلى الخارج، وتلافي تفجير ساحتها خاصة وأنّ الجميع يعلم الظلم الذي تمارسه السلطات السعودية بحق شعبها، والفقر الذي يعيشه السعوديون رغم كل الأموال الوفيرة الموجودة فيها، في حين أن الأمراء يصرفون 10 ملايين دولار على طاولات الميسر، بعيداً عن وجود مواطنون سعوديون يعيشون بمدخول شهري يبلغ 100$ في بعض الدول الفقيرة. السعودية تعرف أنها ستصل إلى انفجار ما، لذلك تحاول الآن تصدير أزماتها للخارج، وافتعلت مسألة البحرين، وكأنّ الديمقراطية مسموحة في كل مكان إلا في البحرين، وصدّرت اليوم أزمتها إلى سوريا. البعض يقول بأن الملك ليس على علاقة بذلك، لكن ما هو مؤكد أن بندر بن سلطان وكل مَن يديرون اللعبة الآن في السعودية، دخلوا في لعبة تخريب سوريا.
وعن الشروط التي تحدّث عنها وهاب سابقاً، حول إمكانية مساعدة السعوديين للنظام السوري، وفقاً لها، قال وهاب: “هي شروط كثيرة، ومنها عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة في لبنان، وأن يكون لسوريا دور إيجابي في تمديد ولاية القوات الأميركية في العراق، وموافقتها على التسوية في المنطقة بالموضوع الفلسطيني طبعاً بشروط صهيونية وأميركية، والتخلي عن حماس وحزب الله، وابتعادها عن إيران. أعتقد أنّ الرئيس الأسد الذي لم يُنفَّذ هذه الشروط في السابق حتماً لن يُنفِّذها اليوم”.
واستبعد وهاب أن تكون هذه الشروط سعودية بحتة، معتبراً أنّ “السعودية هي عميل صغير وخادم لدى الأميركيين، فالشروط أميركية – وأوروبية إلى حد ما – أما السعودية فتنقل هذه الرسائل، وتُبلغ الوسائل الأخرى من السوريين الذين يحاولون التخريب في سوريا.
وعن انتقال الثورات من الدول العربية الأخرى إلى سوريا، قال وهاب: “كان هناك نظاماً عميلاً للأميركيين في مصر، ومن ثم سقط، وهذا ما حصل في تونس أيضاً. أما في ليبيا فيختلف الوضع كثيراً، إذ هناك عدوان دولي عليها وأعتقد أنّ بعض مَن يسمّون انفسهم بالـ “ثوار” كشفوا عن وجههم الحقيقي، فقد ظهر أنهم يتلقون أموالاً من الأميركيين، وبأنهم عملاء للأطلسي. والآن في سوريا، المسألة مختلفة بالكامل، فهناك محاولة ردّ على سقوط النظام المصري، فإذا ربطنا الأحداث، نرى أنه منذ انتصار الثورة الإيرانية تمّ الرد على سقوط الشاه، ووصول الثورة الإسلامية إلى السلطة في إيران، بإخراج مصر من الحركة العربية والإسلامية، وتوقيعها إتفاق سلام مع “إسرائيل” لتصبح خارج المعادلة التي وضعوها فيها منذ 30 سنة، كأداة تعمل لصالح “إسرائيل” واميركا. لذلك يحاولون الرد اليوم على خروج مصر من تلك المعادلة، عبر إخراج سوريا من محور الممانعة والمقاومة”.
أما عن الخطة التي يتم التحضير لها برأيه خاصة مع عمليات نقل أسلحة من لبنان إلى سوريا من بعض الجهات، فقال وهاب: “الخطة متدرّجة، بدأت باحتجاجات صغيرة، توسّعت لتكون اعتداءات متدرّجة وهي في صعود اليوم. القرار هو تصاعد الضغط الدولي على سوريا، إلا إذا رفضت الصين وروسيا ذلك، واتمنى وقوفهما إلى جانب سوريا، لا كما فعلتا بموضوع الملف النووي الإيراني.
مع ذلك، أعتقد أنه، حتى ولو قام الرئيس بشار الأسد بإعطاء وتنفيذ كل الإصلاحات المطلوبة، فالأحداث لن تتوقف لأنّ هناك خطة لضرب سوريا وليس للإصلاح فيها كما يدّعون”.
ورداً على سؤال حول الهدف الإستراتيجي من الشروط الدولية المطلوبة من سوريا، وعمّا إذا كانت تهدف لتغيير موقع الأخيرة الجذري وضرب عمق المقاومة، أجاب: “نحن نعرف أنّ المقاومة تحوّلت إلى كابوس حقيقي للإسرائيلي في كل المنطقة، وقد كان هناك محاولة لضرب إيران اعتقاداً منهم أن ذلك يترك حريقاً هائلاً في المنطقة في حال حصوله، لكنهم لم ينجحوا، فحاولوا أخذ العراق وفشلوا أيضاً، وحاولوا التفكير بضرب المقاومة مجدداً في لبنان لكنّ الإنجازات أظهرت أنّ “إسرائيل” غير قادرة على ذلك، بعد أن أصبح صعباً للغاية. لذلك، فكّروا في القضاء على الدعم الأكبر للمقاومة، والجار الأقرب لها – أي سوريا – فاختاروا افتعال هذه الأحداث فيها”.
وعن دور وسائل الإعلام العربية في التغطية على بعض الأحداث كما في البحرين، قال وهاب: “إن أكثر مما نسبته 95% من وسائل الإعلام العربية، هي وسائل إعلام سعودية، وقد قامت الأخيرة بشرائها لمثل هذه الأحداث. حتى أنه إذا قامت وسيلة إعلامية بتناول بعض الأمور في المملكة العربية السعودية، أو في بعض دول الخليج، يتم التهديد بقطع البث عنها من قِبَل القمر الصناعي “عرب سات”. وسائل الإعلام العربية واضحة التوجّه، وهي تنفّذ مهامها اليوم من خلال التغطية على ما يحصل في البحرين، وتضخيم الأحداث في سوريا. فالسعودية تقوم بتمويلها ودفع تكاليفها، لأنها تعرف أنه لو كان هناك وسيلة إعلام واحدة تملك الجرأة للحديث عما يحصل في السعدوية، فستتمكن حتماً من إسقاط النظام فيها، لأنه نظام هشّ قائم على نهب ثروات الشعب السعودي.
وعن التوجّه المستقبلي للدول العربية، خاصة مع الخطط الأميركية للتخريب فيها، قال وهاب: لستُ متفائلاً أبداً، وأعتقد ان الأميركيين يملكون إمكانيات كثيرة لتحويل الثورات العربية بالإتجاه الذي يريدون، بالرغم من تمنياتي بانتصار إرادة الشعوب العربية، لكن لن نعرف إتجاه تلك الثورات إلا في السنوات القادمة، لأنّ الأمور مفتوحة والزلزال لم ينتهِ بعد، وله ارتدادات كبيرة ستتفاعل في السنوات المقبلة.
وتابع حول سؤال عن إستفادة “إسرائيل” من هذه الأحداث: تحاول “إسرائيل” الإستفادة من كل ما يحصل، للوصول إلى تسوية مع فلسطين، كي لا تعطي الفلسطينيين حقهم، ولا تعترف بالقدس، ولا بقيام دولة فلسطينية. هي اليوم تستفيد مما يجري في الشارع العربي، وما يسمّونه في بعض الأحيان “ثورات”. وأعتقد انّ ما يحصل في سوريا اليوم “منظم” ولا يُدعى “ثورة”، بل هو محاولة إنقلاب أصولية وهّابية على النظام القائم وتقودها السعودية، يحاول الإسرائيلي الإستفادة منها لإضعاف الطرف العربي الأقوى أي سوريا، الرافض لأي تسوية مع “إسرائيل” واميركا”.
وعن رأيه بالمصالحة التي تمّت بين حركتَي فتح وحماس، قال وهاب: “أنظر بإيجابية لهذه المصالحة، ولكن الأهم هو تحريك أسسها، وأن يُقال ما هو الحد الأدنى المسموح للتنازلات والحد الأقصى لذلك، أما أن تكون المصالحة شكلية، فهذا يحرك الأميركي لمفاوضات مع محمود عباس، ويدخل بشروط غير مناسبة. المهم، هو على اي أساس سيتم التفاوض مع الإسرائيلي إذا حصل ذلك، لإستعادة كل فلسطين وليس جزءاً منها”.
أما في الموضوع الحكومي في لبنان، قال: “أعتقد أن تشكيل الحكومة في لبنان لن يحصل في وقت قريب، خاصة وأنه ربما لدى رئيس الجمهورية روزنامة أخرى بالإتفاق مع الأميركيين أو غيرهم ويحاول تأجيل التشكيل تبعاً لبعض الظروف. وأقول لبعض المراهنين على الوضع في سوريا، أنه إذا تطورت الأوضاع فيها، فالاوضاع ستكون أكثر تشنّجاً في لبنان”.
وختم وهاب بالتوجّه للشعب الإيراني، قائلاً: “في ظل التشقق والغياب العربي، والرغبة الأميركية بالهيمنة على المنطقة، لدينا أمل كبير باستمرار الجمهورية الإيرانية بدورها التي لعبته في الآونة الأخيرة، من خلال دعمها لحركات التحرر ومنعها محاولات الهيمنة الأميركية على قرارات الشعوب العربية، نأمل أن تستمر إيران في هذا الدور”.
@