اعتبر رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب أن “تشكيل الحكومة المنتظرة بات يتطلب وقتاً طويلاً”. ودعا إلى “قيام حكومة على قدر المرحلة وتحمل المسؤولية تواجه المخططات والمشاريع المشبوهة، وتسقط كل ما فعلته الحكومات السابقة بحق المواطن والشعب والمقاومة”. وتابع “حكومة تأخذ على عاتقها قرار قيام الدولة القوية، تخطط للمستقبل بما يتناسب مع تطلعات الشعب وحقه في التمثيل والحقوق المكتسبة، حكومة شعارها مواجهة التحديات لبقاء الوطن وقيامته وخلاصه من أولئك الذين حاولوا أخذه إلى الدوائر الخارجية وفصله عن مساره الطبيعي”.
كلام وهاب جاء خلال رعايته إزاحة الستار عن النصب التذكاري لشهيد المروءة والواجب المرحوم الشيخ أبو ذوقان حسين أبو ذياب والذي قضى خلال تطوعه في عملية بناء المدرسة الرسمية في البلدة، بدعوة من بلدية الجاهلية، وبحضور عدد كبير من رؤساء بلديات القرى المجاورة والمجالس الاختيارية وممثلي القوى الأمنية وقائمقام الشوف وعدد من رجال الدين وفاعليات وأهالي البلدة. وأكد انه “عندما تمتلك الحكومة مقومات النجاح وعناصر المواجهة، نستطيع عندها القول أن تضحيات السنوات التي خلت جاءت بنتائجها معبرةً عن تطلعات أهلنا وشعبنا التواق للخلاص من أيدي العصابات التي حاولت طمس هويته وتعطيل سيرته”.
ونبه إلى أن البعض “يعمل كي نعود إلى ما يسمى حكومة جامعة أو حكومة وحدة وطنية، لكن انظروا ماذا فعلت حكومة الوحدة الوطنية عام 2006 وما فعلته في العام 2007 وما حاولت أن تفعله في عام 2010”. وتوجه إلى الممسكين “بتوزيع الحقائب ونظام المحاصصة، أن ينظروا لما جرى ويجري في المنطقة ولبنان واعلموا بأن الناس باتت تتحكم بمصائرها في بلدانها وأخذها حيث يريدون على دروب العزة الوطنية واسترداد الأرض السليبة وإقامة العدل والمساواة وسحق الظلم والطغيان. واعلموا أن صوت الشعب هو الأصدق والابقى والأجدى، وان همس التآمر قد ولى وزال إلى غير رجعة. واعلموا بأن صوت المجاهدين “يستفز” مشاعر المأجورين والتابعين وصوت الحق سيبقى قوياً مهما تراكمت الصعوبات، لأنه صوت العقل والوجدان والإيمان صوت الذين آمنوا بوطنهم وقضية أمتهم وسيبقى لسان هذا الصوت مجلجلاً وضّاح ولسان صوت الباطل ملجلج فضّاح”.
وأضاف “على وقع الصخب السياسي والضجيج الإعلامي، وعلى هدير الشوارع المشتعلة بالشعوب الرافضة لسلطاتها القائمة…وفي ظل المتغيرات والتبدلات، نأتي إليك اليوم يا أبا ذوقان، لنشارك أهلنا ومحبيك فرح التكريم، وشوق اللقاء، لتلك الأيدي التي استطاعت أن تبني ما عجزت عن بنائه الدولة ومؤسساتها العامة، ويدخل في صلب مسؤولياتها تلك الاهتمامات التي هي من حق الناس وملكا لهم بحتمية الحقوق والواجبات لخدمة المجتمعات وبناء الأوطان القادرة على فرض وجودها في غمار هذا الصراع الذي سيبقى متصاعدا حتى تحقيق مطالبهم والاهتمام بقضاياهم المعيشية والاجتماعية والإنمائية.
نأتي إليك أيها الراحل الكريم، ولك في القلوب حنين واشتياق، وفي العيون سفر يلمع باتجاه الرجال الذين نذروا نفوسهم للحفاظ على أسرتهم وعائلتهم وبلدتهم ومبادئهم التي تربوا عليها.
نأتي لنصافح اليد النظيفة، والنفس الشريفة، والقامة الرابضة فوق كل مفرق وعند كل شجرة، وفي ظلال ياسمينة تعبق بالوفاء والانتماء لتلك البلدة التي أحببت، ولأولئك الأهل والمحبين الذين عاصروك، نأتي مع المجلس البلدي والرابطة الأدبية، لنشهد لك بعد فراق طويل بأن ما نقوم به اليوم ليس تخليدا لذكراك فحسب، بل تخليدا لكل الناس الذين حملوا صفاتك الخيّرة، ومحبتك الصادقة، وشجاعتك المؤمنة وكرمك الذي أصبح قدوة نتباهى بها، ونعلم الأجيال هذه المزايا الحميدة التي نمت بك بلا تكلّف وبلا مجاملة أو محاباة وتصنع.
نأتي إليك، إلى المدرسة الرسمية، التي انفجرت شظايا صخورها وأصابتك، لتدخل في أساس بنائها، وتبقى صورة خالدة في ذاكرتها وذاكرتنا، وذاكرة الأجيال.
فلا حاجة لك يا أبا ذوقان، لترى هذا البناء وما صار عليه، ولا حاجة لان تسأل عن أولادنا ومستقبلهم، لان البناء الذي أرسيت، والتعب الذي ضحيت، تلازما في قميص واحد، وهيكل واحد، يأخذنا من خلالك إلى الشعور الدائم، بأن حبة القمح سقطت في التراب لكنها أينعت لنا بالغلال الوفير.
إن جئنا إليك اليوم، فلأننا تعاهدنا أن نبقى أوفياء، لمن على سواعدهم كانت تبنى المؤسسات والجمعيات، وتقام النشاطات والمناسبات التي تجمع ولا تفرق.
جئنا لأننا سنبقى في غياب لتلك الدولة العاجزة عن القيام بواجباتها، وتقديم أدنى المساعدات لأبنائها.
تلك الدولة التي ما قدمت يوماً شيئاً لمواطنيها في كل المجالات المهنية والزراعية والحرفية والصحية والصناعية، والتي جعلت من الإنماء للمناطق صدى بعيداً لصوت الناس المطالبين بتحسين شروط حياتهم في الماء والكهرباء والهاتف وكل البنى التحتية، والتي حولت مواطنيها لطلاب هجرة على أبواب السفارات تأميناً للقمة العيش الشريفة والحياة اللائقة الكريمة.
إن دولة فاقدة ارتباطها مع شعبها هي دولة تدخل في موت سريري وان طبقة مسؤوليها الذين يتوارثون السلطة هي دولة للمزارع والقبائل وأصحاب النفوذ، مما يجعلها فاسدة في كل بنيتها الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتى في عدم قدرتها على فهم موقع انتمائها للمصير الوطني والقومي، وتقع في الارتهان للإدارات الأجنبية، وتسقط في الاستحقاقات المصيرية.
إن دولة تبنى على هذه الشاكلة، ستقع حتماً مستسلمة عند كل استحقاق داخلي مهما كان بسيطاً، من مناقلات إدارية وتعيينات للمحسوبية، وعند محاولة تنفيذ أي مشروع يدخل الإصلاحات المطلوبة على بنية النظام المترهل والمثقل بالمحاصصة والهدر والفساد والسرقات.
إن دولة تستبعد شبابها ومثقفيها ومفكريها ومبدعيها عن الانخراط في صلب تكوينها لا تستطيع أن تحمي انتصارات شعبها وتواجه معه كل العواصف الآتية.
إن دولة تحتكم للسياسات المنهجية والعشائرية والمناطقية، هي عبارة عن جزر يستحيل احتضانها في وطن وشعب ونظام واحد، بل هي عبارة عن مجلس إدارة، يدير الشركة المسؤول عنها بدل أن يدير الدولة القوية الجامعة لكل أبنائها على مختلف أطيافهم، ولهم جميع الحقوق وعليهم كل الواجبات.
عفوك أبا ذوقان سلامنا عليك وسلام للحبيب الذي عاد للقياك والذي ما ترك مشروعاً اجتماعياً وإنمائياً في البلدة إلا وأعطاه من روحه وحقه وماله وتعبه وعرقه حتى خذله القلب الكبير ورحل وهو في أوج عطاءه.
ومنا لأسرتك الكريمة عهد المحبة والوفاء وخاصةً الحبيب الغائب اكرم، والشكر الجزيل للبلدية والرابطة وكل أهل بلدتنا الكرام، وكل من ساهم في مثل هكذا تكريم لكبار من مجتمعنا”.
كذلك تحدث في الاحتفال رئيس بلدية الجاهلية أمين أبو ذياب، رئيس الرابطة الأدبية الاجتماعية في الجاهلية يوسف أبو ذياب وحفيد المحتفى به أكرم أبو ذياب وقصائد شعرية لكل من منير أبو ذياب واحمد الحاج.
0