وسط حضور كثيف وتنظيم دقيق، عقد “تيار التوحيد” اللبناني مؤتمره السنوي الاول في مجمع الشوف السياحي في بعقلين. حضر افتتاح المؤتمر وفد من تيار المجتمع المدني المقاوم وبعض اصدقاء التيار، الى جانب نحو 1500 عضو من التيار كممثلين لقراهم وبلداتهم في الجبل وحاصبيا وراشيا والمناطق.
بعد النشيد الوطني ونشيد التيار ترأس جلسة الافتتاح رئيس السن حافظ ابو المنى وتلا برنامج المؤتمر واوراق العمل.
ثم القى رئيس التيار وئام وهاب كلمة اكد فيها على ان “تيار التوحيد يقف الى جانب المقاومة اكانت ظالمة ام مظلومة، وهي لم ولن تمارس يوماً الظلم بل هي تدافع عن الحق، وهي مظلومة اليوم كما في الامس. واذا ما وقع عدوان اسرائيلي جديد، وهذا ما يتحدث عنه البعض، في العام 1982 كانت الظروف مختلفة عندما فبرك الاسرائيلي خصماً محلياً ليقع الصراع الداخلي بين ابناء الوطن الواحد ويرتاح الاسرائيلي، اما الخصم الحقيقي فهو اسرائيل، وهي تتحمل المسؤولية الاولى والاخيرة عن حرب الجبل وما نتج عن تلك المرحلة”.
واضاف “الآن اذا ما وقع اي عدوان اسرائيلي على لبنان فان اعضاء تيار التوحيد من رئيسه الى كل اعضاءه سيكون في طليعة من يتصدى لهذا العدوان، في هذه الاودية والجبال، ولن نسمح ان يقال مرة جديدة ان اسرائيل مرت من هنا وكأنها في نزهة، لذا سنكون الى جانب المقاومة في كل ميادين القتال لان انتصار المقاومة يسمح لنا بأن نبني الوطن الذي نحلم به. وحلمنا ان يحصل المواطن على حقه بكرامة وعزة وان لا يقف على ابواب احد مهما كبرت هذه المراكز او صغرت، وقوتنا تبدأ من هنا وتبدأ من يوم غد بعد انتهاء المؤتمر وتتوزع المسؤوليات وتبدأ مرحلة جديدة من العمل على مستوى الجبل وكل لبنان. ولا يمكن ان نكتف بأننا قد هزمنا المشروع الآخر بل علينا ان نكون على قدر بلورة مشروع جديد بالتعاون مع كل القوى السياسية المؤمنة بمشروعنا الذي نؤمن به دون المحاولة الى الغاء احد، فالاحادية لا تعيش ولا الثنائية ولا نريد الثلاثية او رباعية بل نريده مجتمعاً ديمقراطياً كل مواطن فيه له دور. هكذا نستطيع ان ننهض بمجتمعنا واياكم ان كنتم اقوياء او ضعفاء او تعتقدون انكم ستصبحون بعوامل معينة اقوياء اياكم والتفكير بإلغاء الآخر مهما كان صغيراً، وبقاء الآخر والحوار معه والتقرب منه حتى الى حدود الاختلاف بالرأي الفكري مع الآخر هو الذي يقويكم ويعزز مواقعكم ويأخذكم الى الانتصار الاكيد. علينا ان نكون للناس الذين هم بحاجة الى خدماتنا وليس الى صراعتنا، واصلاً على ماذا نتصارع ونحن نعيش في منطقة فقيرة معدمة، الدولة غائبة عنها منذ عشرات السنوات، واذا كان لا بد من صراع فليكن صراع المحب من اجل الافضل”. وتابع “يجب ان نقطع مع كل ترسبات الماضي، ولنعمل لتطوير مجتمعنا، ونحن اليوم لدينا الهاجس الكبير: ما هو دور الجبل في المرحلة المقبلة؟ هذا الامر الذي يستوجب العمل عليه. نحن لسنا عدداً بل دور، هكذا كنا منذ سلطان الاطرش والى يومنا هذا. الدور الذي نحدده لانفسنا هو الذي يحدد حجمنا في المستقبل، نحن نطمح للعب ادوار ليس فقط على الساحة اللبنانية بل لنكون على مستوى المنطقة. لكن هذا الامر بحاجة الى تحديد المهمة التي نريدها في لبنان وفلسطين، ونحن يجب ان نكون مع تحرير فلسطين كل فلسطين لان الغزوة الصهيونية كما سابقاتها على هذه المنطقة فانها ستزول ولو صمدت بضع سنوات اخرى، ولكنها ستزول وستعود فلسطين كل فلسطين الى وضعها الطبيعي. كل الفئات اللبنانية ربما لديها مرجعيات واماكن وقوى خارجية تلجأ اليها، اما نحن هنا ولدنا وسنموت هنا على هذه الارض”.
واضاف “في مرحلة عصيبة، لم يسبق ان عاشها لبنان والمنطقة العربية، لبى شباب الجبل، نداء الروح، روح الامة، وثقافتها وعقيدتها المقاومة، وبادرنا لتأسيس تيار التوحيد، ليكون واحداً من العلامات البارزة، في الحياة السياسية، واعادة لبنان الى دوره الفاعل كما كان على مر التاريخ، في بيئته العربية وفي قلب شرقها النابض حيوية وعروبة ومقاومة. اتهمنا بما ذهبنا اليه، واستغرب الكثيرون ان يأتي التيار، بما يخالف السائد، يسبح بعكس الجاري، لكننا كنا نعرف ما نفعل، ونقرأ بما يجب ان نذهب اليه، ونستطلع بنظرة ثاقبة مستقبل المنطقة والعالم، بمعرفة عميقة وعلمية لتاريخها وطبيعتها وخصائصها، ومنهجنا يقول إن كان المستقبل ليس في مطال يدنا، فهو بالضرورة في مدى رؤيتنا، وما نضعه اليوم يؤسس لمستقبل نرغبه ونريده لابنائنا واحفادنا”.
وتابع وهاب “كان التأسيس زرعاً في ارض خصبة، وان أخطأت التقديرات، وتنبؤات العرّافين واوهام الصقور في واشنطن، والصبيان في بيروت وعلى حوافها. لم نرتهب، ولا ارعبتنا الحملات الاعلامية، وفبركات شهود الزور، واحكام السفارات، ولا اغرتنا وعود كنا نعرف انها واهمة لقادة البيت الابيض وقصر الاليزيه. قبل ست سنوات، امسك المتطرفون الادارة الاميركية واخضعت اميركا المتأسرلة العالم لارادتها، فكان الضباب كثيف، ورائحة الدم في بغداد، وغربان الشر تحوم في سماء سوريا ولبنان وفلسطين، يومها عزمنا، واقدمنا، واطلقنا رؤيتنا، يحملها تياراً للتوحيد، عارفين ان طريق النضال صعب ومكلف، لكنه اقل كلفة من طريق الاستسلام والهروب من المواجهة. اليوم يمكننا الجزم، بالوقائع والافعال، اننا كنا على حق وعلى رؤية صائبة، ففي جردة سريعة لما كنا عليه وما صرنا عليه، نجد ان تحولات تاريخية تحققت، ولم تنجز تلك التحولات الا بفعل فاعل عاقل، صمم على امتشاق السلاح، سلاح العدل والحق والتقدم والعصرنة في وجه العدوان والتدمير والهمجية. صمدت سوريا وتعملق دورها، وصارت قوة وازنة، يقصدها اشد اعداء الامس، ليحتمون بخيمتها من العواصف الآتية. صمدت ايران، وصارت قوة نووية وفضائية برغم الحصار والاستهداف ظفرت المقاومة العراقية بانجازات عظيمة، جعلت احتلال العراق من كبائر اخطاء الامبراطورية وقادتها. تغيرت تركيا، وصارت حليفاً، ضربت الازمة الاقتصادية الاقتصاديات الامبريالية في قلبها، وتحولت اوروبا الى ازمات تهدد اتحادها، فتلوذ بالصين وبتركيا مرة، وتفرض على عرب النفط عقود تسليح هائلة مرة اخرى. والسؤال، هل جاءت تلك المتغيرات من فراغ؟ وهل كانت لتضرب الازمة الاقتصادية على هذه الدرجة من القوة، لو لم يكن العرب والمسلمون؟ ولو لم تكن سوريا في قلب خيار المقاومة ولو لم تكن الجمهورية الاسلامية الايرانية التي وضعت على جدول اعمالها من اليوم الاول تحرير فلسطين؟”.
واردف “نعم، يحق لنا ونستطيع القول، اننا نحن، انتم انتم كنا الاصل والاساس، وهذه مهمة ليست بجديدة على امتنا التي كانت وستعود مهبط الديانات السماوية، وارض القداسة، وشعب الانبياء والرسل والمصلحين. نعم هو عصر المقاومة وخياراتها المصممة في بيروت، والمدعومة من طهران ودمشق، واليوم من قوى أخرى لاتينية واسلامية. فالمبتدأ هنا، والخبر في دماء شهدائنا المدنيين والمقاوميين والمجاهدين. لقد اجتمعت قوى الشر، وتجندت لها اميركا واوروبا، وعرب ومسلمي الخيانة والتسوية، في ظل حياد سلبي لروسيا والصين والهند. على لبنان والمقاومة اجتمعت هذه القوى، فاستهدف لبنان بقرار جائر 1559 مهّد لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، فقامت قيامة شيراك وبوش لاسقاط الامن والقضاء اللبناني، بأدوات سمّيت لجان التحقيق الدولية والمحكمة وفبركت شهود الزور والحملات الاعلامية غير المسبوقة واتهام سوريا. كل ذلك من اجل تفكيك وحدة الامة فبذلت المليارات ومولت الامن ووسائل الاعلام، وجُنّدت كتائب التخريب الفكري، وانشأ تحالف عربي اسلامي مع اسرائيل بقصد حرب فتنوية، اريد ان تكون بيروت شرارتها لتحرق بلاد العرب. لكن تحرير الجنوب عام 2000، والانتصار في تموز 2006، والصمود في غزة رغم الحصار والدمار، شواهد على اعادة التوازن واحياء الروح النهضوية لجسد الامة الممزق بفعل الاتفاقيات والمعاهدات”.
وتابع “من هذا الفجر الجديد، كان تيار التوحيد، حدثاً ينطلق للمواجهة في ظل انعطاف المراهنات والتبشير بشرق كونداليزا رايس السيئة الذكر. ورغم صعوبة المرحلة، انطلقنا من ثوابتنا وقناعتنا الراسخة، بتاريخنا المقاوم على مر العصور، لاسيما في التاريخ الحديث من الثورة السورية الكبرى، الى حرب الجبل في وجه الاجتياح الاسرائيلي المستهدف تقسيم لبنان واسقاط اتفاقية العار الى جانب القوى اللبنانية الوطنية، وسوريا الصمود والممانعة. اليوم ايها الاخوة والاخوات، نشهد على التجربة التي خضناها على صدقها بالموقف والممارسة ووصولها الى مرحلة الثبات. لقد ادركنا منذ البداية الصعوبات الداخلية التي ستواجهنا والحصار الذي سيفرض علينا، لذلك كان ايماننا بأن الخروج من هذا النفق المظلم، يبدأ بتحرر الانسان من موروثات الاستعمار وأزمنة الانتداب وبقاياه، ومن شرانق المذاهب والاقطاع الممسك عبر هذا النظام البائد بمقدرات الناس ورقابهم. ولاننا مشروع يتعدى ما هو قائم كان رهاننا على الانسان الذي يبقى فوق كل اعتبار، لعتقه من ظلمة القيود والانحلال، واستعماله حسب الاهواء سلعة تباع وتشترى دون حساب لمصالح خارجة عن ارادته وكرامته وحريته. هذا الانسان الذي بات آلة تتحرك في كل الاتجاهات وحسب ادارتها الفوقية تأميناً لنفوذها واستمراريتها والذي حُرم من متطلبات العيش الكريم، علماً وطبابة وعملاً، هذا الذي ولد حراً، عليه ان يكونحراً في خياراته ومعتقده، بمنأى عن الارتهان والتبعية العمياء. إن بناء الاوطان يبدأ من بناء الانسان فيه، تربية وتوجيهاً ومعرفة ليصبح قادراً على ان يحقق دولة العدل والمساواة ويرفض الفواتير الضريبية المتوارثة، التي تفقده الشعور بالانتماء للوطن والمبادئ واقامة النظام الجديد وتأمين حقوق العمال والفلاحين والحرفيين والمثقفين وكافة المنتجين، وقيام نظام انتخابي يعتمد النسبية في التمثيل ويصنع الانتماء المتوازن ويكفل نظام التقاعد والشيخوخة، ويعطي للشباب حقهم وتأمين فرص العمل لهم دون منة أو حسنة أو تسوّل، بدل رميهم في الشوارع، وفي أحسن الحالات الاغتراب الى بلاد الله الواسعة بحثاً عن حياة كريمة. استناداً لهذه القراءة للتيار، كان لا بد لنا من تحديد الموقع والدور الذي يجب ان نكون عليه داخلياً وعربياً سيما ولنا من تاريخنا ما يدلل على صوابية ما نحن عليه الآن. لقد سقطنا في بعض المحطات والمراحل في فخ التبعية للغرب، لكن موقعنا وموقفنا ودورنا الثابت كان ومازال وسيبقى مستمداً منذ قدومنا لهذه الارض حماة للثغور الوطنية والقومية والاسلامية، فكان انتشارنا في الجبال والاودية، وكانت مشاركتنا في الثورة العربية وفي الثورة السورية الكبرى، وصولاً للذود والشهادة عن فلسطين والوقوف في وجه كل الغزاة والطامعين الى جانب قوى الممانعة والصمود الوطني والقومي. هذه المواقف الشريفة النابعة من صلب ايماننا وحقيقة معتقدنا ووجودنا تأكدت اليوم عبر موقف التيار الواضح والصريح الى جانب المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق والى عمقنا القومي والعربي مع سوريا الاسد وحليفنا الاستراتيجي الداعم لحقوقنا في الجمهورية الاسامية الايرانية”.
وختم وهاب بالقول “اتوجه اليكم واعلن بإسمكم بأننا قررنا المضي في مشروعنا التوحيدي والوحدوي الداعي للانتصار بالناس كل الناس، وادعوكم للمجاهرة بأيمانكم وخطابكم السياسي المعبر عن تطلعاتكم في القضاء على عوامل الجهل والتحرر من القيود والثبات على صحة المعتقد والتمسك بالمناقب والفضائل والمثل العليا وعدم الانجرار الى خلافات ضيقة وسخيفة والدخول في متاهات التعصب البغيضة فالارض للجميع والسماء لمن يمتلك الارض بهذا الايمان المطلق بحق الصراع والتقدم والحياة، يمتلك السماء ويرضي ضميره وخالقه. ان جبلكم اليوم يحتضن العمل المقاوم، ويتمسك بالعلاقة المميزة مع سوريا بكل اطيافه وتلاوينه ووحدته في هذا الاطار تؤكد على الدور والموقع الذي نادينا به منذ التأسيس وحتى اليوم وان هذا الجبل لن تكتمل وحدته الحقيقية الا بعودة كافة ابنائه اليه، وبهذا تكتمل عوامل الصمود في وحدة الشعب والجيش والمقاومة. ادعوكم لتنظيم صفوفكم، والانخراط في مجتمعكم ومع بني قومكم والمساهمة في انجاح الجمعيات والاندية المحلية وتغليب مصالح الناس على المصالح الذاتية، فنحن منهم ولهم، وهم منا ولنا .
ايها الرفقاء: ان دخولكم في التيار ليس غاية بحد ذاته بل هو جواز مرور للعبور نحو تحقيق الاهداف والمبادئ فنحن حركة فكرية تغييرية ولسنا شركات تجارية مساهمة تشكل ابواب ارتزاق ومنافع شخصية لذلك فإن اصحاب المبادئ يصلبون في بعض الاحيان ويستشهدون في احيان اخرى لانهم كالشموع التي تذوب لتنير سماء المستقبل وتخرجنا من ظلمات التسلط والتبعية والارتهان والاحباط الى رحاب الشعور بالتحرر والعز والبقاء والانتصار. ها نحن اليوم نعبر الى الوجود وبتنا تياراً اساسياً في حركة الصراع والنضال وهذا ما كان ليحصل لولا وقوفكم وارتباطكم وتنفيذكم لتوجهات قيادتكم. لتبقى سواعدكم مرتفعة وهاماتكم ممشوقة لمواجهة التحديات واذهبوا الى اهلكم واولادكم علّموهم فرح الجهاد ونشوة الانتصار فبقدر ما تكونوا اقوياء يقترب منكم الاخرون وبقدر ما تكونوا ضعفاء يتخلى عنكم الجميع. لقد ثبت لديكم صحة خيارنا ومصداقية تحالفاتنا ولبنان سوف يخرج قريباً من كماشة الارتهان وسيعود الى نطاق واقعه وقدرته التي تساهم في عزته وبقائه. لقد خرجنا من زمن الخسائر والنكبات ودخلنا في زمن الانتصارات وتغيير مجرى التاريخ. احذروا المفاسد والنفوس الواهنة المستسلمة وليبقى عهدي بكم يتجدد مع كل صباح لما فيه خدمة المجتمع والوطن فلا تبخلوا بالعطاء لكي تستحقون شرف الانتماء والانتساب. اليوم نجزم القول ان من صمد وقاوم ونجح في انتزاع الانتصارات قادر على امتلاك مشروع النهوض والبناء والتقدم بإيمان لا يتزعزع بقدرة الامة ومكوناتها وفرض حقوقها واستعادة قدرتها على توليد الجديد وتحدي القديم العاجز”.
@