يا صاحب السماحة.
لقد أصابني حزنٌ عميق في صبيحة العيد، عيد الفطر المبارك وأنا أستمع إلى خطبتكم وأنتم تأمون في الناس في مسجد الرحمن. حتى رحت أتساءل إذا ما كنت قد أخطأت المكان فجئت إلى مهرجانٍ سياسي بدل الحضور للصلاة في بيت خصص للتأمل والعبادة، وذكر الله الواحد وقراءة قرآنه الكريم.
فلقد فاجئني هذا التحريض السياسي السافر، الذي حاولتم من خلاله شخصنة عقيدة الصالحين وعباد الله المؤمنين من أهالي الإقليم والتفرقة بينهم وبين إخوانٍ لهم تعايشوا ويعيشون الحياة بحلوها ومرها عبر القرون، في منطقة كانت ولا تزال تزخرُ بالنفوس الأبية المؤمنة بالله وبالقضايا الوطنية والمصيرية منذ القدم.
فوجئت يا صاحب السماحة، وأنا الذي توقعت من عظةٌ تُبَرد ما يعانيه هذا الشعب من الإحباط سببه التجاوزات المهلكة التي تدعو للفتنه على لسان بعض الساسة الذين جعلوا من أنفسهم عبيدأ لأعداء الدين والوطن فأغرقوا البلاد بآتون المماحكات والمواقف السياسية التي لا تخدم سوى ولاة أمورهم أصحاب الجاه والمال والسلطة. وساءني أن أستمع إليك وأنت تطالب بالحفاظ على خصوصية الإقليم رافضاً التبعية وكأن الإقليم واقع تحت ظل الاستعمار وليس منطقة عزيزة من المناطق اللبنانية التي تفخر بانتسابها إلى العروبة وتناضل من أجلها، وهذه هي حقيقة هوية الإقليم التي تطالب يا صاحب الفضيلة بتغييرها.
الإقليم الذي احتضن الزعيم جمال عبد الناصر، ولبى دعوته المباركة للوحدة العربية الشاملة، الإقليم الذي سار خلف الزعيم كمال جنبلاط مسانداً مطالبه الإجتماعية، ومواكباً
مواقفه الوطنية المحقة… وهو الإقليم نفسه الذي بارك مساعي رفيق الحريري الرئيس الشهيد، وسانده في مسيرته الإعمارية.
ويا صاحب السماحة.
لقد كنت أنتظر منك إرشاداً روحياً يصقل إيمان العباد، ويحث على درء الفتنة والتشبث بوحدة الصف والأرض، حيث تدعو الناس إلى إدراك مخاطر التشرذم والانقسام بالمحافظة على السلم الأهلي والعيش المشترك. ذلك لأنني كنت أرى في شخصكم الكريم مرشداً روحياً يجب أن لا يفّرط بالمسؤولية التي انيطت به. الم يجيء في الكتاب الكريم، أن لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً. قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةً أو يصيبهم عذاب اليم (سورة النور).
إن الإسلام يا صاحب السماحة هو دين الصلاح والانفتاح والتسامح. وهذه لا يؤتي ثماره إلا بالتقوى والبعد عن بهارج الدنيا وملذاتها.
فإن للدين يا صاحب السماحه حرمةٌ وقداسة لا يجب أن تدنسها موبقات السياسة والاعيبها وهذا ما يسيء إلى الدين الحنيف ويقضي على ما تبقى لنا من إيمان في بلد أصبحت العمالة فيه الى الخارج تنخره حتى العضم. لذلك قيل أن الإرشاد الروحي هو ملح الأرض وهو الذي يقود عباد الله الصالحين إلى عالم الروح، عالم الإله الواحد الأحد الذي لا شريك له والذي ينبذ الشر فيجزي الصالحين ويعاقب الأشرار.
وفي الختام نذكركم يا صاحب الفضيله بأننا عرب مستعربة يرجع بنا النسل إلى نبي الله إسماعيل عليه السلام فلا بد لنا من حب العرب والافتخار بأننا عرب لقول الرسول عليه السلام ” حبوا العرب لثلاث: لأنني عربي ولأن القرآن الكريم نزل باللغة العربية ولأن لغة أهل الجنة هي اللغة العربية” صدق رسول الله.
عضو المكتب السياسي ومفوض عام إقليم الخروب
الدكتور لؤي الغور
@