في قياس الزمن، فإن أربع سنوات من التأسيس لـ :تيار التوحيد”، الذي اقتحم العمل الوطني ومنه النشاط السياسي والشعبي، يؤكّد أن هذه الفترة القصيرة، تحسب لمن أسسه وقاده وغامر مع رفاق له، في أن يثبت حضوره، ودخل في المعادلة سواء من بوابة الجبل، حيث الوجود الفاعل، والانتشار الذي فاجأ الجميع، بتخطيه لواقع سياسي قائم، والقفز فوق الجمود المسيطر على العقول، إن المواطنين لا سيما الدروز منهم يمرون في ممرين إجباريين فقط، وقد أسقط المواطنون مع الإعلان عن إنشاء “تيار التوحيد”، بوابات العبور، وتأشيرات المرور، وباتوا أمام حالة سياسية تعبر عنهم، ومساحة من الحرية، يعلنون منها مواقفهم دون وجل أو خجل، ويمارسون التعبير بكل جرأة، وقد تكون هذه الواحة التي أفسحت للمنتسبين الى التيار، والمناصرين له، التفكير بصوت عالٍ والتكلم بحق، هي التي أزعجت الإقطاع وأرعبت من ظن أن الجبل آحادي القرار، وأنه ثنائي المشاركة، ولا مكان فيه لرأي حر لقول الحقيقة.
فسنوات التيار الأربع، كانت عامرة في التعبير الحر، وفي الإعلان الصارخ عن وجع المواطنين، وفي التشبث بالثوابت الوطنية والقومية، حيث المقاومة خيار لا رجوع عنه، والعداء لـ “إسرائيل” ثقافة مترسخة، والعلاقة مع سوريا قناعة قومية.
فعن السنوات من عمر التيار، التي رعاها رئيسه الرفيق وئام وهاب، الذي كان رهان البعض، أنه حالة فردية تنتهي، وأن اللحظة السياسية فرضته، فيزول مع زوالها، وأن الظروف الخارجية قوّته وهي التي تضعفه، فمثل هذه التخيلات والافتراضات والتوقعات غير الموضوعية، أسقطها رئيس”تيار التوحيد”، الذي لم يؤسس تياره إلاّ عن قناعة لديه بضرورة أن تجد للمواطنين ما يعبّر عن توجهاتهم وطموحاتهم، وقد لبى التيار، في ميثاقه التأسيسي وبيانه السياسي، وبرنامج عمله، وفي نشاطه، ومباداراته، والتي كان لوهاب الدور الرئيسي في تأكيد حضور التيار، الذي أصبح بوصلة في المواقف السياسية، ومنه يسترشد البعض في معرفة الاتجاه الوطني والقومي.
في العيد الرابع لتأسيس “التيار”، زارت أسرة مجلة “منبر التوحيد” التي تنطق باسم رئيسه، وقدمت له التهنئة بعبور العام الخامس، وأجرت معه حواراً ناقداً وموضوعياً، فكانت الأجوبة شفافة وصريحة، وهنا نص الحوار:
بعد أربع سنوات على تأسيس “تيار التوحيد”، هل أصبح للتيار وضعية سياسية، وله مؤسساته التنظيمية؟
لم يتحول التيار الى تيار على مستوى الطموح الذي نبغى الوصول إليه لعدة أسباب بعضها خاص فينا كتيار وبعضها الآخر خاص بحلفائنا وبالبلد.
أما على الصعيد السياسي العام، فمنذ أكثر من سنتين نتلقى الضربات السياسية، وخاصة من الحلفاء، بدل دعمهم، أما على الصعيد الداخلي لقد مررنا بتجارب يمر بها أي حزب في بداية تأسيسه تعود الى تجارب الأشخاص وأسلوب ممارسة العمل الحزبي والأرض التي نعمل عليها، ما يجعلنا نعمد دائماً الى إعادة فرز الأمور، وضخ روح جديدة، في محاولة لبناء المؤسسات، التي لا تعتمد على العمل الفردي في بنائها، بل تحتاج الى إقناع المحيطين بالتيار بضرورة بناء المؤسسات وهذه مهمة صعبة وهي مهمة لم أنجح فيها حتى الآن 100%.
الآن لدينا تجربة جديدة أنتجتها الانتخابات البلدية التي أعطتنا فرصة للعمل بشكل جيد نتيجة انعكاس قضية التمرد التي أطلقناها منذ البداية في بعض المناطق ما أفسح المجال أمام قوى كثيرة لترفض القرارات والاتفاقات الفوقية وهذا أمر إيجابي رغم أنه كان محدوداً، لكن الأهم في كل ذلك، وفي الخلاصة السياسية أن ما طرحناه منذ أربع سنوات بدأ يلقى صدى في الأوساط الشعبية وهذا هو الإنجاز الأساسي.
هذا يؤكد على أنكم بدأتم بعملية نقد ذاتي وقراءة جديدة للواقع السياسي مع الحلفاء؟
نعم لقد بدأنا بالفعل بعملية نقد ذاتي، والشباب في المكتب السياسي ومجلس الأمناء يعرفون ذلك خاصة أثناء اللقاءات الأخيرة حيث طرحنا إعطاء فرصة 6 أشهر لكل المسؤولين في هذه المؤسسات، لتحديد واثبات مقدراتهم في العمل المؤساتي خاصة وأننا أمام مرحلة جديدة تتطلب العمل بشكل جدي ومختلف عن المراحل السابقة التي مررنا بها بدءا بالمرحلة الأمنية العسكرية مروراً بمرحلة ما بعد الدوحة.
المرحلة اليوم، يجب أن تكون مرحلة بناء وتقييم مع الجميع.
طغيان الشخص
ولكن هل طغى شخص وئام وهاب على التيار؟
حتى الآن نعم، فالشخص هو الذي يطغى وهذا ما قلته للأمناء في الاجتماع الأخير، بأننا لا نستطيع أن نتحول الى تيار الشخص، إذ منذ بدايتنا نحاول أن نتحول الى تيار مؤسساتي، وذلك يعود الى وجودنا في مجتمع يحب الشخص ولا يتكلم إلاّ باسمه. هذه الطبيعة البشرية نحاول التخلص منها، ونحاول أن لا نقوم بالشيئ التقليدي، حتى أنني أحياناً أفتح منزلي يوم الأحد وأضع فيه أناساً مسؤولين عن الخدمات دون تواجدي ليتعودوا أن يأخذوا خدماتهم من غيري، هناك خدمات معينة تم التعميم فيها مع الشباب كالخدمات الصحية والتربوية وما الى ذلك والتي يجب أن تتم دون الرجوع إلي.
يؤخذ عليكم أنكم تحاولون أن تكونوا بيتاً سياسياً تقليدياً آخر على الساحة الدرزية؟
أبداً، ولكن المشكلة أن اللعبة التقليدية لا تستطيع أن تهرب منها، بالرغم من أنني حاولت ذلك، ولكنني وجدت أن الهروب منها يخسّر ولا يربّح ولا تستطيع إلاّ أن يكون هناك يوم تفتح فيه منزلك وتمارس اللعبة السياسية التقليدية التي هي اللعبة الخدماتية التي للأسف تعوّد الناس عليها أثناء زيارة البيوت السياسية وطلب حاجاتهم منها ، بدل أن يتوجهوا الى المؤسسات.
الدولة في خدمة الإقطاع السياسي
هل الدولة هي التي تركت الناس يعبرون عبر السياسيين؟
الدولة هي التي تضع الناس في خدمة الإقطاع السياسي والمالي، وهذه مشكلة حقيقية نعاني منها جميعنا، لأن الولاء يصبح للسياسي وليس للدولة أو الوطن.
ولكن بعد الانتصار السياسي الذي حققه التيار كمشروع سياسي مع حلفائه أليس هناك شعور أن هذا التيار مع حلفائه لم يتمكن من أن يحقق أو يستثمر هذا الانتصار؟
إن التيار لم يستثمر هذا الانتصار، والمشكلة تعود الى أن بعض الحلفاء يدخلون في اللعبة التقليدية ذاتها التي دخل فيها النظام السياسي وبرأيي هذه السياسة لن توصل الى مكان، وسيدفعون ثمنها في المستقبل لأنهم سيصلون الى حائط مسدود.
كما أن المشكلة تكمن أيضاً في أنك إذا كنت صادقاً بخياراتك السياسية وتعرضت لطعنة ما، لا يعود الحق عليك في النهاية، بل على من طعنك، وللأسف اضطررت الى هذا الكلام لأنه جزء من معاناتنا اليوم، إذ يحاول البعض إحياء التقليد السياسي بأبشع صوره خاصة على الساحة الدرزية وكلنا نعرف أن بإحيائه لن نصل الى مكان متمنياً أن لا تكون السياسة الغبية التي اتبعت منذ الـ 30 سنة الماضية قد بدأت تتكرر.
أسستم تياراً سياسياً للتغيير في عقلية المواطنين هل نجح التيار في ذلك؟
لقد نجح التيار في تغيير عقول القليل من الناس لكن أهم ما قام به هو حالة التمرد التي أصبحت موجودة وإن بشكل خجول في القرى ما جعلنا نلمس شيئاً من التغيير عن المرحلة الماضية، ولكن ما أخشاه أن يكون هناك قوى أقوى منا ذات إرادة متضررة من هذا التغيير تعيد إنتاج ودعم القوى التقليدية ذاتها.
ولكن أنتم أيضاً تصالحتم مع الإقطاع؟
تصالحت مع الإقطاع في السياسة نعم لأننا كنا نقول منذ البداية أن لدينا هذا الرأي السياسي، ولكنني لم أذهب الى الرأي السياسي الآخر بل هو الذي أتى إلينا، ويجب أن نسعى لتثبيت هذه المصالحات لأن هناك محاولة جدية ومدعومة لإعادة إنتاج الثنائية الدرزية، من هنا أقول للقريب وللبعيد، وللكبير أكثر من الصغير أن إنتاج الثنائية هو وهم وسيبقى وهماً في رؤوس الكل مهما بلغت قوتهم وسيطرتهم وقدراتهم لأن الطائفة الدرزية إما فيها أحادية متسلطة وإما ديمقراطية، الأحادية المتسلطة لم يعد لها وجود، ولا أحد يستطيع أن ينقلنا الى الثنائية حتى لو على دمنا وعلى جثثنا.
الثنائية الدرزية لن تعود
لكن الثنائية تلغى أو تُزال بطريقة ما، الى أي مدى يتجاوب الناس معها، والى أي مدى يعمل التيار في هذا الموضوع؟
الناس تتجاوب لكن لا أحد يعمل بدون قدرات وإمكانيات ودعم، اليوم عندما تسمع وتكون تحت إحباطات متتالية وترى أن الضربات توجه إليك من الخصم ومن الصديق في نفس المستوى، يصبح لديك مشكلة ولا تستطيع أن تواجه كل الناس. لقد حضّرت نفسك خلال السنوات الماضية لمواجهة الخصم ولم تحضّر نفسك لمواجهة حليف مفترض، ولكن عندما يمسك بعض الحلفاء السكين أو يستقوى عليك بسكين ليذبحك بها، أصبح لديك مشكلة معقدة تجعلك تطلب حماية الناس فيها، ولا يعد باستطاعتك أن تسكت عما يحصل خاصة وأن هناك محاولة لافتعال ثنائية غير موجودة أصلاً.
والدليل على ذلك أننا رأينا خلال كل السنوات، من الحرب حتى اليوم أنه لا الكلمة ولا الدعم واختراع الشخصيات يصنعون التوازن
المال السياسي
ولكن هناك مسؤولية أنكم تيار ناشئ وشاب ولديه حضور سياسي مع تراجع الأحزاب التاريخية الموجودة عقائدياً، ما هي الأدوات التي ستستخدمها في وعي الناس، وهل دائماً المال السياسي والرشوة والخدمة هي التي تكون الأداة؟
لا، المال السياسي هو الذي نعاني منه في المقابل من الأطراف الأخرى، ليس هناك سياسة من دون مال ولكن المال هو حد أدنى لدعم العمل السياسي.
إن الأساس في الموضوع هو العمل على وعي الناس، الذي لا يتم بين ليلة وضحاها، إذ لا نستطيع أن ننسى أن هناك 500 سنة من الأثقال على الناس، لم يتجرأوا خلالها على التفكير بالتغيير، لأن لمجرد التفكير بذلك تعتقد بأنها ترتكب خيانة ما مع تاريخها وقناعاتها وجدودها وآبائها وما الى ذلك. اليوم بدأنا نخرج من هذه العقلية، وهذا ما بدأنا نلمسه في القرى من خلال الأرقام التي حصلنا عليها في بعض القرى خلال الاستحقاق البلدي والاختياري التي أوضحت أن هناك تمرداً بدأ يسري بين الناس، وهذا التمرد يجب أن نعمل عليه.
ما هو المشروع الذي تقدمونه، بدءًا بالمشروع النظري والفكري والسياسي للمواطن ليخرج من هذه الحالة؟
هناك معاناة في هذا الموضوع، تكمن في أنهم كبلوا الناس بمجموعة من المفاهيم خلال 30 أو 40 سنة جعلتهم غير قادرين على الخروج منها، إذ ما يعنيهم من الحزب هو كونه “دكان” يمكن أن يذهبوا ويبتاعوا منها ما يحتاجون إليه وليس الفكر السياسي للحزب، اليوم قليل من يقول لك ما هو فكرك السياسي أو خطتك للتغيير، بل يقول لك ما هو العدد الذي يمكن أن تدخله في الدرك والجيش، هذه المفاهيم التي يجب العمل عليها، والتي يجب على الدولة أن تقدمها للناس دون منة من أحد.
من هنا للبدء بمشروع تغييري جدي يجب أن نبدأ بقانون انتخاب متطور، أضف الى الكثير من المواقف الأخرى التي تعطيك أكثر من هذا الطرح، ولكن نحن بمجرد ما طرحنا موضوع التغيير ورفض الأحادية والثنائية والثلاثية والرباعية، وبمجرد ما فتحنا الباب أمام ديمقراطية بلا حدود، يمكننا القول أن هذا الطرح السياسي هو تغييري في النهاية.
اليوم ومن خلال رصدنا للانتخابات البلدية، وجدنا أناس كثر في المجتمع اللبناني تمثلوا بـ “تيار التوحيد”، فلماذا لا نتمرد على القرار السياسي، الذي هُزم في بعض الأوقات في بعض القرى رغم قوته، ولكن في المقابل، عندما يكون هناك شيئ أكبر من الناس أحياناً لا يستطيع الجميع أن يواجه في بلد مثل لبنان، لانعدام القوانين التي تحمي المواطن والحريات، ولأن البعض يستعمل الدولة والمؤسسات والمال وحتى الأمن ضدك.
ولكن أيضاً هناك كلام بأن وئام وهاب في خطابه المتطرف والقاسي ضد السياسيين هو الى المهادنة والمسالمة اليوم؟
هذا كلام صحيح، لأنني لست مجنوناً ولا انتحارياً، وعندما أجد الطريقة التي تعامل فيها حلفائي مع الأمور، في لحظة تأمل يجب أن تسأل نفسك بعض الأسئلة وتطور وتغيّر في أداءك لأن كل ظرف له حكمه في النهاية.
أن يصبح هناك تهديد لسوريا وللمقاومة أكيد إن مواقفي ستكون شرسة، وسأعود الى المواجهة، لكن اليوم طالما الموقف السياسي على حاله، أعتبر أن كل الأمور، التي هي تحت الأساسيات، هناك إمكانية للتساهل معها.
المناورة السياسية
هل تدخل في لعبة المناورة السياسية؟
طبعاً الجميع اليوم دخلوا في لعبة المناورة السياسية بانتظار الخيارات الكبرى، نحن خيارنا الكبير محسوم الى جانب سوريا والمقاومة، ولكن البعض منهم ينتظر خيارات أخرى، والبعض الآخر بانتظار المحكمة الدولية وهذا ما نسمعه في الصالونات، وغيرهم ينتظر حرباً على إيران،الى حد أن أحدهم بشّر بربع الساعة الأخير لبدء العاصفة، أضف الى وجود آخرين بانتظار حرب إسرائيلية على المقاومة إلخ.. أما نحن فلانزال في موقعنا ثابتين مع اختلاف على الأداء التفصيلي مع بعض المعارضة وبعض الحلفاء، لأننا نعتقد أن الأداء بالتفاصيل فيه خطأ كبير.
بالعودة الى موضوع الثنائية الدرزية، اعتُرف بـ “تيار التوحيد” ونحن في ذكرى تأسيسه الرابعة أنه في المعادلة السياسية خاصة وأن النائب جنبلاط اعترف بوجود تيار التوحيد؟
المشكلة للأسف ليست مع النائب جنبلاط وأقول ذلك بأسف لأن النائب جنبلاط قوي، ومدرك جداً للعبة السياسية ويعرف أنه ليس بإمكان أحد إلغاء أحد، بل المشكلة في الذين يعتبرون بأنهم لا يجدون أنفسهم إلاّ بإلغاء الآخرين، لا أحد يستطيع أن يلغي وئام وهاب أو فيصل الداوود أو الحزب القومي أو الحزب الشيوعي أو حزب البعث، ولا أحد يستطيع أن يلغي أي حيثية سياسية، فكيف إذا كانت قوى أعتقد أنها موجودة في كل المناطق.
البعض يقول أن “تيار التوحيد” هو تيار صغير، هذا صحيح ولكنه بنى نفسه بنفسه منذ أربع سنوات ولم يرث أحد ولم يعش على الوراثة السياسية ولم يأخذ ثروات أو إرث سياسي عمره مئات السنين. نحن الوحيدون الذين بنوا أنفسهم بأنفسهم، ونحن الوحيدون الذين بنوا هذا الشيئ بأيديهم حتى إننا كنا نحفر الجبل بالإبرة، وكبرت الفجوة بسرعة كبيرة.
حزب اليزبكية والجنبلاطية
هل تيار التوحيد هو الـ “نيو يزبكية”؟ في المفهوم التقليدي؟
لا، “تيار التوحيد” هو محاولة لضرب اليزبكية الجنبلاطية، هذا التقسيم التقليدي السخيف “تيار التوحيد” لا يعترف بوجوده، بل يعترف بأن الدروز هم مواطنون في هذا البلد وعليهم واجبات ولهم حقوق، كما يعتبر أن الانقسام التقليدي أولاً القيسي اليمني الذي هجر نصف الدروز الى جبل العرب ثم الانقسام الجنبلاطي اليزبكي كان أحد البلايا الكبرى منذ وجود الدروز في هذه المنطقة.
هناك حديث اليوم عن مصالحات، وكما نعرف أن مصالحة جنبلاط انتهت، ماذا عن مصالحة ارسلان؟
هناك بعض المساعي التي بذلت للمصالحات، وكان هناك وسيط ما زارني كما زار الوزير ارسلان.
هل تترسخ العلاقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي؟
حتى الآن لا، هناك علاقة شخصية مع النائب جنبلاط، هذه العلاقة لم تنعكس على قيادات التيار والحزب رغم أنهم قاموا معاً باجتماع واحد حتى الآن قبل الاستحقاق البلدي للتنسيق، ولكن مع جمهور الحزب الاشتراكي تترسخ ونلاحظ أن هذا الجمهور منفتح علينا بشكل كبير وهذا أمر طبعاً سنسعى لترسيخه لأن هذا الجمهور هو جمهور وطني وتقدمي وعربي، وفي النهاية نحن انطلقنا من هذا الجمهور، ولا أستغرب أن يكون هذا الجمهور بغالبيته باستثناء عدد قليل مرتاحاً لكل الجو الذي يحصل اليوم.
ألا تعتقد أن اليوم هناك فرصة لـ “تيار التوحيد” بعد المصالحة مع النائب جنبلاط وبعد عودته الى الخط السياسي الذي هو عليه تيار التوحيد؟ ألا تعتقد أن عمل تيار التوحيد أصبح أسهل في القرى، يمكن للناس أن تتقبله كتيار سياسي وليس كحالة أمنية؟
أولاً إن “تيار التوحيد” لم يكن في أي يوم من الأيام حالة أمنية، ولا نقبل بأن يكون حالة أمنية، وربما هذه أحد مشاكله، ولكن “تيار التوحيد” اليوم تمكن من خوض الانتخابات البلدية في الكثير من المناطق إذ لاحظنا أن مفوض “تيار التوحيد” في نيحا حصل على 500 صوتاً وهذا في عمق الشوف، وهناك الكثير من المناطق والضيع المقفلة، كالورهانية مثلاً فنائب رئيس البلدية هو مفوض في “تيار التوحيد”، هذه أمثال أقدمها لأقول أن الناس جاهزة لتقبل “تيار التوحيد” بالرغم من وجود عملية تحريض وإرهاق، حاول الخيّرون في تلك القرى تحاشي الدخول في مواجهاتها، لكن الآن بعد فسح المجال أصبحت الأمور أفضل؟
ما هو موقع “تيار التوحيد” في الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة؟
لم نصدر أي بيان حول موضوع الانتخابات البلدية وهذا كان فيه قرار أولاً لأنه من المعيب أن يربح أحد ما على أحد في القرى، وأن هذه الأحزاب السخيفة التي وزعت بيانات تقول بأنها ربحت هنا نصف عضو وهناك ربع عضو أ ثلاثة أرباع العضو، هذا أمر مشين، اليوم تتفاجأ أن هناك بعض الأحزاب قد وزعت بيانات عن ربحها في عكار وهي خاسرة في ضيعتها، ولم يتجرأ أحد باستثناء العماد ميشال عون الذي اعترف بوجود معركة سياسية قبل الانتخابات البلدية، زحلة كانت معركة سياسية بامتياز وتجرأ النائب سكاف في خوض هذه المعركة السياسية، أما الباقون لم يتجرأ أحد منهم قبل الانتخابات، ولكن أصبحوا بعدها يحصون ويعدون ما لديهم من أعضاء.
لم يدخل أحد في معركة سياسية، الأحزاب عبر العائلات كما “تيار التوحيد” عبر بعض العائلات رشح الناس وحاز على أماكن ولكن كتيار لم نقل أن لدينا معركة سياسية والحزب الاشتراكي أيضاً لم يكن لديه معركة سياسية، وبرأيي الموضوع كان سيضر بنا لو دخلنا بإشكالات الضيع والعائلات واعتبرت أن نظل خارجها أفضل ما دفع الكثير من المجالس البلدية فيما بعد الانتخابات لتتصل بنا وكذلك الأمر بالنسبة للمجالس التي ليس لدينا أي تمثيل فيها فهي تتواصل معنا خاصة في ما يتعلّق بالموضوع الإنمائي في الجبل.
المكافأة
طُرح الكثير من الأسئلة، لماذا لم يكافأ وهاب و”تيار التوحيد” في أن يكون في المجلس النيابي بعد سلسلة مواقف كانت فعلاً جريئة خلال السنوات الثلاث الماضية خلال وقوفكم مع المقاومة وسوريا؟
أولاً لم أقف مع المقاومة وسوريا للحصول على مكافأة ما، ولا مرة فكرت بهذا النحو لأنه من المعيب أن يفكر أحد ما على هذا النحو.
في المجلس النيابي، الجميع يعرف الظروف بأنه لم يكن هناك إمكانية لفوزي في الشوف، وفي منطقة بعبدا كنت قد أخذت قراراً بعدم الترشح هناك كي لا أنافس أبناء بعبدا على هذا المقعد، هذا هو الظرف الذي حصل في الانتخابات النيابية، ولم أقف عندها أبداً ولا أعتبر أن الموقع هو الذي يصنع الإنسان.
وعن المقعد الوزاري؟
المعارضة أصلاً لم تأخذ أي مقعد وزاري نتيجة ظروف معينة تكمن في أن حصة المعارضة هي للشيعة والموارنة وحتى النائب أرسلان لم يحصل عليه، من الطبيعي أن لا يكون للمعارضة مقعداً وزاريا.ً ومن الطبيعي أن لا أكون في ظل هذه الحكومة “الرثة” ، لأنني لو كنت فيها وفي هذه الظروف، حتماً كنت لاستقلت.
يقودنا السؤال الى، هل خانكم حلفاؤكم؟
بالتأكيد لا يوجد هناك أي خيانة، فلا سوريا ولا حزب الله يخونان الناس إذ ليس في مدرستهم مكان للخيانة بل في مدرستهم الوفاء كما أعرف.
استقالة رئيس الجمهورية
يقال أن رئيس “تيار التوحيد” يكبر تصاريحه السياسية الى حد أحياناً لا يحتمله حلفاؤه كدعوتكم لاستقالة رئيس الجمهورية؟
على العكس، لم أطلب منهم أن يحملوا شيئاً، حملت مسؤولية هذه التصاريح. وأعتقد أن بعد الدوحة موقفي الوحيد هو الذي أعطى نتيجة في موضوع الداخل اللبناني، بعد أن رأينا كل المواقف التي ذهبت سدى.
سمع الجميع تصريحات رئيس الجمهورية بعد هذا الموقف، خاصة في ما يتعلق بمواقفه من المقاومة وسوريا وسحب السلاح من طاولة الحوار، لأن الموضوع الذي كان أمام أعينهم هو موضوع السلاح وليس موضوع الاستراتيجية الدفاعية، اليوم رئيس الجمهورية حسم الأمر بمواقفه من المقاومة.
لماذا أعطي للسجال معه طابعاً شخصياً؟
إن هذه النظرية سخيفة، بالرغم من أن المكاسب الشخصية تلك لدي حق فيها في الدولة، خاصة في ما يتعلق بالتعيينات، وقد تحدثت بذلك مع المقربين من رئيسي الحكومة والجمهورية والنائب جنبلاط وغيرهم، وقد أقدم نماذج أفضل، وآتي بأناس لديهم كفاءات في هذه الطائفة ولديهم الحق في تلك التعيينات، لماذا دائماً علينا أن نختصر الناس؟
يلاحظ بعد كل زيارة يقوم بها مسؤول في الدولة الى واشنطن تحديداً يقوم وهاب بالهجوم وكان آخره الهجوم على زيارة الحريري الى واشنطن؟
السؤال ما الذي سيأتي به من واشنطن؟ إذا جاء بشيئ من هناك حتى ولو سلاح للجيش، ولكن سلاحاً جدي سوف أقدم له اعتذاري، وأدعم رئيس الحكومة، وأما إذا كان رئيس الحكومة قد ذهب الى واشنطن ليأخذ صوراً الى جانب أوباما سوف أستمر في هجومي لأن الكل يدرك أن أوباما سوف يُسمعه الدرس نفسه عن المقاومة وسلاحها و”إسرائيل” وحماية أمنها.
هل برأيكم تعززت العلاقة بين سوريا ولبنان؟
إن بين رئيس الحكومة وسوريا تطوراً لافتاً في العلاقة وهذا الأمر جلي جداً خاصة في الزيارة الثانية ولكن علينا أن نرى رئيس الحكومة إذا كان بإمكانه الاستمرار في هذه العلاقة مع وجود هذا الفريق من المستشارين في “تيار المستقبل”، أنا أرى أنه إذا تعززت هذه العلاقات سوف تتحول الى تعزيز العلاقات اللبنانية – السورية لأن هناك فريق لبناني لايزال ضاغطاً باتجاه آخر.
وآخر لقاء كان فيه تطور مهم وارتياح من قبل الجانبين لكنها بحاجة الى تطوير.
هل تعبيركم عن بعض المواقف السياسية هو رأي شخصي، أم رأي لسوريا لأنكم من حلفائها، كما يحاول البعض ان يستنتج من تصاريحكم؟
أبداً ولا مرة طلب مني السوريون أي موقف ولا عاتبوني على كلمة أو تدخلوا معي في التعبير عن رأي، لا قبل ولا بعد، أنا سياسي لبناني لدي الحرية في ممارسة دوري وهم يعرفونني جيداً واختبرونني في السنوات الماضية وهم مدركون أن إمكانية التدخل معي محدودة جداً وهم حتى في الفترة التي هاجمت فيها المحكمة الدولية قبل أربع سنوات كانوا يحاولون تحذيري من قساوة هذا الهجوم ولكن كنت آخذ قراراتي لوحدي.