بدعوة من نقابة المعلمين في جامعة تشرين في اللاذقية حاضر رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب حيث قال: منذ 5 سنوات اتيت الى هذه القاعة وكان المشروع الاميريكي يتقدم في كل المنطقة وكان ما اسموه بمشروع الشرق الاوسط الجديد قد بدأ تنفيذه في العراق. الان وبعد 5 سنوات اتيت لاقول لكم بأن مشروع الشرق الاوسط الجديد قد انتهى ونحن امام مشروع المشرق العربي الجديد. منذ سنوات قلت لكم بأن الامواج الاتية على سوريا ستتكسر على شواطئ اللاذقية، ها انا الان اقول لكم بأن الامواج التي اتت على سوريا والمنطقة عادت خائبة من منطقة اللاذقية.
نعم، بفضل سوريا ورئيسها الدكتور بشار الاسد، انتقلنا من مرحلة الى خرى. وبعد ان كان كل العالم مجتمعا ليغير سياسة وسلوك سوريا في المقاومة والممانعة والرهان على المقاومات العربية في العراق وفي غزة والضفة الغربية وفي لبنان، بعد سنوات ثبت لكل العالم بأن هذه المقاومات هي حق وستتجه نحو النصر. وكان هناك بعض الدول العربية تقول في الماضي انها لا تفهم ماذا يريد بشار الاسد. لديهم الحق بأن لا يفهموا ذلك لانهم اصلا كانوا لا يفهمون لغة المقاومة والممانعة والشرق والرفعة ولحق والكرامة.
الان والاحتلال الاميريكي يلملم ما تبقى لديه ليرحل من العراق، وبعد صمود غزة، الان وتوجه اسرائيل الى مزيد من التدهور، بدأ البعض ربما يدرك ماذا كان يريد بشار الاسد في السنوات الماضي. الان بدأ الاميريكي يعود الى سوريا ليسألها عن رؤيتها الاستراتيجية لمستقبل المنطقة في السنوات المقبلة.
ولكن تحملت سوريا الكثير في السنوات الماضية لانها بقيت الوحيدة في هذه المنطقة العربية تقول “لا” لاحتلال العراق ولاسقاط المقاومة في لبنان وفلسطين. كان المطلوب من سوريا في السنوات الماضية ان تخرج الفلسطينيين، وان تسقط المقاومة في لبنان. وكانت عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري احدى هذه الضغوط التي تمت في سياق المشروع الاميريكي الذي احتل العراق ودمرها وقتل ياسر عرفات في فلسطين واغتال رفيق الحريري في لبنان، المشروع الاميريكي ذاته وهو متكامل في كل المنطقة. ولكن في الوقت الذي تهاوى وخاف الجميع من الاميريكيين عندما اتوا الى العراق، بقي بشار الاسد صامدا رغم كل اشكال الضغوط السياسية التي مورست عليه، من سياسة العزل والاتهام ومحاولة محاصرة سوريا، ولكن هذه المحاولة فشلت منذ بدايتها، وبشار الاسد بقي متمسكاً بالمبادئ التي نشأ عليها. اليوم، لقد خسروا الرهان وربحته سوريا. هذه هي الارادة التي ستنتصر في النهاية
قبل غزة كان البعض يظن بأن حرب تموز هي استثناء. ولكن اليوم بعد انتصار غزة اصبحت حرب تموز قاعدة للمواجهة مع اسرائيل لدى الشعوب العربية. وهذا النصر العربي الجديد، اهم ما فيه اننا نحن العرب لم نعد مهزومين بعقلنا وفكرنا واصبحنا مقتنعين بأننا قادرون على هزيمة اسرائيل، بعد ان زرعوا في نفوسنا وفكرنا على مدى قرون بأن الهزيمة هي قدرنا. وفي الوقت الذي لم يخرج احد ليطالب بمحكمة دولية تحاكم اسرائيل او ليقول ان ما حصل في غزة هو جريمة بحق الانسانية وعلى مجلس الامن ان يتحرك والامين العام الذي هو بمثابة موظف صغير لدى الخارجية الاميركية ان يتحرك ايضا في هذا الاتجاه، نراهم كل يوم يتحدثون عن جريمة كبرى وقعت في لبنان ولكن لا نعرف من ارتكبها. نحن نعتبر بأن المشروع الاميريكي الذي اتى الى المنطقة هو الذي اغتال رفيق الحريري. ولكن في ظل كل المجازر التي حصلت اليوم في غزة، كل يوم يخرج مسؤول دولي ليهددنا بالمحكمة الدولية في لبنان. اقول لهم :انتم لستم اقوى من غيركم لتستعملوا محكمة دولية في حساباتكم السياسية. اذا كانت العدالة الدولية ستكشف حقيقة من اغتال رفيق الحريري بالوقائع والدلائل فنحن معها، واذا كنتم تريدون الاستماع الى بعض المعارضين فأهلا وسهلا بكم في منازلهم لان احدا لن يذهب اليكم لانكم لا تمثلون العدالة الدولية، بل تمثلون السياسة الدولية. ومجلس الامن والامم المتحدة يأتمران بأوامر الارادة الاميريكية، وكل كلام غير ذلك هو كذب وادعاء. لو كان هناك عدالة دولية حقيقية لما كان جورج بوش قد ذهب الى منزله بل كان يجب ان يذهب الى السجن وثم الى المحاكمة، ولما كان هذا الصمت على الجرائم في غزة بل كان يجب ان يخرجوا بجدية ليقولوا ان ما حصل في غزة جريمة بحق الانسانية ويجب ان تتحرك العدالة الدولية لتعالج هذا الامر ولتقتص من مجرمي الحرب في اسرائيل
اليوم وبعد ما حصل في غزة عادت بعض الابواق العربية والدولية لتهدد وتتوعد بالمحكمة الدولية. اقول لهم اذا كانت محكمتهم مسيسة فلن نقيم وزنا لها وتأكدوا بأننا لن نسلم احدا بدون ادلة وقرائن مهما كان صغيرا او كبيرا في لبنان او في المنطقة.
في غزة ممنوع ان تكون الجريمة اداة لمحاكمة القاتل ولكن في لبنان المطلوب ان تكون الجريمة اداة لمحاكمة البريء! تصوروا هذه المعادلة في العدالة الدولية التي تحكم العالم!.
لكي لا نبقى ننتظر عدالة دولية لن تأتي في كل قضايانا، اقول لكم بأن سوريا ادركت منذ البداية بأن التسول في القضايا القومية والمحقة لن تؤدي الى اي نتيجة. نعم بعض الدول العربية التي كانت تدعونا للتسول من العالم ومجلس الامن ومما اسموه المجتمع الدولي الان كلهم يعودون خائبين وقد بدأنا نشاهد علامات الخيبة على بعضهم وبدأوا الان ينتقدون ويهاجمون جورج بوش بعد ان عاد الى منزله ويقولون بأنه هو من ورط المنطقة!! ولكن الشجاعة تقتضي ان تقفوا الى جانب بشار الاسد منذ خمس سنوات عندما هاجم السياسة الاميريكية في المنطقة ورفض الاعتراف بالاحتلال الاميريكي في العراق، وعندما تجمع كل العالم حوله لعزل سوريا واسقاطها وجعلها عراقا ثانية..
الان وما حصل قد حصل، وبعد غزة استطيع ان اقول لكم بأننا امام مرحلة جديدة ليس على مستوى المنطقة فقط بل على مستوى العالم. وقد بدأتم تشاهدون هذا العالم الدي بقي لسنوات يتحدث عن تغيير السلوك السوري في الشرق الاوسط ومحور الشر في الشرق الاوسط ..، هذا العالم اليوم يتحدث وعلى لسان رئيس اكبر دولة في هذا العالم وهو الرئيس الامريكي الجديد باراك اوباما عن وجوب تغيير السياسة الاميريكية في العالم وليس عن تغيير السياسة السورية في المنطقة..
تبين للعالم بأن هناك حق عربي. وكان المطلوب ان يتصرف بشار الاسد مع المقاومة في لبنان كما تصرف رئيس مصر مع المقاومة في غزة ! عندها كانوا سيتحدثون عن سوريا وعن دور سوريا.. وعندما رفض ان يفعل في لبنان ما فعله مبارك في غزة بدأت الحرب عليه. ولكن التاريخ يوما ما سيذكر بأن هذا الذي في مصر سيلعنه التاريخ ولكن هذا الذي في سوريا سيخلده التاريخ.
بدأت اللعبة تتغير مع قمة الدوحة. عندما شعر الجميع بأن لقاء قطر سيذهب بمن حضر الى نصرة غزة والمواجهة، وبأن هناك محورا عربيا جديا بدأ يتشكل لدعم المقاومات العربية ان كان في فلسطين او في لبنان او في العراق.
الكل يعلم الهجمة التي شنت على سوريا بأبواق، منها لبنانية ومنها عربية؛ من اغتيال رفيق الحريري الى اخراج الجيش السوري من لبنان.. ولكنهم كانوا اغبياء بالكامل حين فكروا بإخراج سوريا من لبنان لاسقاط سوريا من الداخل، ولم يعرفوا بأنهم بذلك قد حرروا سوريا من بعض الالتزامات اللبنانية وكان من الافضل لهم ان يبقوا سوريا في لبنان ويلزموها ببعض الالتزامات
ولمن لم يدرك الطريقة التي تم بها انسحاب الجيش السوري من لبنان اقول، بأنه انسحب من معركة تفصيلية في لبنان وذهب ليضرب على رأس المشروع الاميريكي في العراق، ثم في تموز في لبنان ثم في معركة غزة الاخيرة. وقد قالها سماحة السيد حسن نصر الله بعد حرب تموز بأن سوريا كانت على اتم الاستعداد لدخول الحرب لو احتاجتها المقاومة وقد ابلغ الرئيس الاسد سماحة السيد بذلك، ولكن المقاومة لم تكن بحاجة لدخول سوريا وكانت قادرة على الصمود لاشهر اضافية. ويومها لم يفهموا ما كنا نقوله بأن سقوط المقاومة وهزيمتها ممنوع لأنهم لم يعرفوا على ماذا كنا نستند في كلامنا! كنا نستند الى قرار كبير في هذه المنطقة هو قرار سوريا وكل قوى الممانعة بأن سقوط المقاومة ممنوع. ولا نخجل اذا قلنا بأن الدبابات الاسرائيلية التي كانت تحترق في الجنوب انما كانت تحترق بصواريخ الجيش السوري التي كانت تطلقها ايدي المقاومة المؤمنة والشجاعة. هذه الصواريخ التي ادت الى وقف العدوان الاسرائيلي على الجنوب.
نعم هزمت اسرائيل. وربما تظنون بأن هناك مبالغة اذا قلت لكم بأن صمود بلدكم غيّر كل اللعبة على مستوى العالم وانتم تعيشون الحدث اليوم. عندما استسلم كل العالم امام هذا الوحش الاميريكي، بقي بشار الاسد وحده واقفا يواجه العاصفة وحيدا، ومعه بعض اللبنانيين والمسلمين والعراقيين!! واجهها وحيدا لا يملك شيئاً الا ايمانه بقضيته وقدرة امته وشعبه على الصمود الى جانبه. وهذا الصمود هو الذي غير كل اللعبة في المنطقة والعالم .
امام كل ذلك نحن اليوم على مشارف مرحلة جديدة. والسؤال المطروح: هل خرجت سوريا من دائرة الخطر؟ اعتقد بأن المرحلة المقبلة ربما ستشهد انفتاحا سياسيا اكثر من المرحلة السابقة. والادارة الاميريكية الجديدة ربما اقتنعت بأنها لا تستطيع ان تحمل العصا وتسيّر كل الناس. في العالم المعادلة مختلفة اليوم، والادارة الاميريكية الجديدة اذا كانت تريد ان تنجح في المنطقة يجب ان تقول طبعا للدول الفاعلة في المنطقة وهي سوريا وايران تحديدا :” هذه مصالحكم وهذه مصالحنا” . اذا سارت وفق هذه المعادلة فاعتقد بأننا ذاهبون الى انفراجات كبيرة.
البعض يسأل هل سوريا عرضة للخطر الاسرائيلي اليوم؟
سوريا امام صراع دائم مع اسرائيل حتى استعادة الارض العربية كاملة . ولا اعتقد بأن سوريا ستنسحب من القضية الفلسطينية كما يعتقد البعض. سوريا في قلب قضية القدس واللاجئين. وسوريا، مع الاسرائيليين لم تعد هي التي كانوا يحاولون عزلها في السابق بعدما اخذوا مصر باتجاه معاهدة مع اسرائيل، وبقيت سوريا وحدها ولم تكن مهيئة يومها لمواجهة منفردة مع اسرائيل. اليوم سوريا قادرة في حال فرضت عليها المواجهة ان تخوضها الى اليوم الاخير. وهذا يخلق معادلة رعب مع اسرائيل لذلك نرى بأن الاسرائيليين يحاولون الحديث عن سلام مع سوريا ويعطون اولوية لهذا السلام . وهنا بالمناسبة استغرب بعض التحذيرات العربية من القوة النووية الايرانية في حين لم نسمع منذ اربعين عاما تحذيرا من اي من الدول المجاورة لاسرائيل من امتلاك اسرائيل لللسلاح النووي!! اين المشكلة في السلاح النووي الايراني؟! هذا السلاح يلغي الخطر على العرب في المنطقة ويشعرهم بالامان، لان هذه القنبلة النووية هي التي ستحدث التوازن مع الكيان الصهيوني الذي يملك مئات الرؤوس النووية. لماذا كل هذا التحريض من بعض الدول العربية على ايران وعلى ما يسمونه الخطر الفارسي؟ ايران هي الوحيدة التي وقفت الى جانب قضايانا، والى جانب سوريا، والى جانب لبنان لتحرير ارضه، والى جانب فلسطين لتحرير غزة وبقية الارض المحتلة. ايران كانت تدعم تحرير القدس وليس طهران او اصفهان او غيرها! في الوقت الذي تخاذل كثير من العرب عن هذا الدعم اكان في لبنان او في فلسطين.
نحن امام واقع جديد اليوم ويجب ان ينعكس عليها هذا الوضع الذي نشأ بعد غزة على عدة ساحات. فعلى الساحة العراقية ان تهيّئ نفسها لمرحلة ما بعد الاحتلال، ويجب ان تكون ارادة الشعب العراقي هي السائدة في العراق بمعزل عن المصلحة الامريكية او المعاهدات الامنية مع اميركا.
اما سوريا فحتما سيكون لها نفوذ كبير على مستوى كل المنطقة. واليوم تثبت سوريا انها الممر الاجباري لكل العالم اكان في السلم ام في الحرب
على مستوى فلسطين يجب ان يقتنع الفلسطينيون جميعا بأن لا خيار مع اسرائيل الا خيار المقاومة الذي يمكن ان يربح وان يضع حدا للعربدة الاسرائيلية .
على مستوى لبنان، ان الكذبة التي سميت 14 آذار وثورة الارز وغيرها اصبحت على طريق النهاية وان رئيس اكبر كتلة نيابية يتنقل اليوم من بلد الى آخر محاولا استجداء رضى اجهزة المخابرات، والسفارات حتى يستمر في السلطة. انتهت هذه الثورة بمحاولة استجداء العطف واستعمال الدم لربح اكثرية نيابية مجددا .
ان هذه الاكثرية يجب ان تكون وفقا لارادة الناس. واذا حصل تزوير للانتخابات اكان عبر المال او عبر اي شيء آخر فإن السنوات الاربع الماضية ستكون اسهل عليهم من السنوات الاربع التي ستأتي لان اي تزوير للانتخابات سنتعامل معه على اساس ان هذه الانتخابات مزورة.
وبعد اللقاء قدم امين فرع حزب البعث في الجامعة الدكتور غالب شحادة ونقيب المعلمين في الجامعة الدكتور عيد محمود درعاً تقديرياً للوزير وهاب