كشف العدوان الصهيوني على غزة عن الصورة الحقيقية لكيان غاصب قام على القتل والتدمير، وبدت أزمة الكيان واضحة في عجزه أمام صمود المقاومة في غزة.
المواجهة الحالية التي تدور في تموز 2014 تذكرنا بأروع صفحات المجد والبطولة لدى أبطال المقاومة اللبنانية التي توّجت في انتصار تموز 2006 الذي وضع الأساس المتين وأعطى المقاومة معناها ومضمونها الحقيقي، تموز اللبناني أسس لتموز الفلسطيني، نعم المعركة واحدة والقضية واحدة.
لليوم السابع عشر تسجّل المقاومة الفلسطينية الإنتصارات التي تشكّل المقدمات الأولى لإنهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين، هذا الانتصار بدأ يفرض الوحدة الوطنية الفلسطينية كنتاج طبيعي بعد أن فرض برنامج المقاومة أجندته في ميدان المعركة، والمعادلة الجديدة تقول بأن المتغيّرات الحقيقية هي التي يصنعها الشعب بإرادته وصموده ومقاومته ونظافة القضية التي يقاتل من أجلها وهي قضية حق وعدل.
سقطت المفاوضات الواهمة على أبواب غزة وتحت أقدام أبطال المقاومة، ويسارع الراعي الأميركي لنجدة الكيان الصهيوني الذي زُرع على أرض فلسطين، في محاولة بائسة لوأد الانتصارات التي تحققت وهي انتصارات تسجل لمقاومة أمة كاملة.
تغيّرت المعادلات جميعها، والمفاوضات في عصر المقاومة، تعني إنهاء الاحتلال ودحره نهائياً عن أرض فلسطين، لا مكان لإقتسام الأرض بين أصحابها الأصليين وبين محتل غاصب مدعوم من أعتى قوى الاستعمار في العالم.
اليوم الدولة الفلسطينية الحقيقية، هي التي تقاوم على أرض فلسطين في سهولها وجبالها ومدنها وقراها وحقولها، وليس على الورق في أروقة الأمم المتحدة.
المقاومة اليوم تؤكّد بأن الاحتلال يجب أن يكون مكلفاً للعدو ومَن يدعمه من قوى البغي والعدوان.
لا عودة الى الوراء، والمجابهة اليوم في غزة هي من أجل فلسطين لأنها قضية الأمة جمعاء، والمواجهة هي مواجهة الشعب الفلسطيني كلّه وكل قوى المقاومة في أمتنا.
حاول العدو الصهيوني فرض المواجهة التي يريد واختار المكان والزمان في ظل الهجمة الشرسة التي تستهدف وحدة أمتنا وحاضرها ومستقبل أجيالها، وطنّ العدو بأن الفرصة أصبحت سانحة فلسطينياً وعربياً وإقليمياً لتوجيه ضربة قاصمة للشعب الفلسطيني ومقاومته بهدف كسر إرادة الصمود والمقاومة لديه تمهيداً لتنفيذ مرحلة جديدة على طريق محاولاته تصفية القضية الفلسطينية دفعة واحدة.
المواجهة الحالية في غزة 2014 تختلف عن المواجهة التي دارت عام 2008 – 2009 وعام 2012 يومها كان هناك انقسام سياسي وشعبي فلسطيني، لكن اليوم، نعم هناك انقسام سياسي بينما الشعب موحّد في غالبيته من أجل مواجهة العدوان وهناك رؤية موحّدة بأن الأولوية هي لدحر الاحتلال وإنهاء الحصار وإطلاق الأسرى وكسر إرادة الاحتلال وهزيمته الى غير رجعة، وطاقة المقاومة اليوم لم تعد تحتمل أي حصار.
سقطت كل الذرائع التي تبجح بها المحتل لإستمرار حصاره لغزة، وبعد أن تحققت المصالحة الأولية، وعندما حاول العدو ضربها تحوّلت فلسطين كلها الى وحدة حقيقية وبدأ إنجاز أهداف الشعب الفلسطيني.
الكيان الصهيوني اليوم بات مكشوفاً تماماً وحربه العدوانية على غزة لن تسمح له بتزييف الواقع وتشويه الحقائق بعد أن وصل الإجرام الإسرائيلي الى درجات غير مسبوقة وهو حلقة من حلقات الجنون الموصوفة بعد أن استباح دم الأطفال والنساء والبيوت الآمنة، ولوم الضحية لم يعد مجدياً وهو أحد موروثات العقلية الاستعمارية التي تنطوي على نظرة عنصرية فجة.
ومحاولة العدو “كي الوعي” لدى الشعب الفلسطيني من خلال إلحاق أكبر الخسائر به لإجباره على القبول بما يؤدي الى كسر إرادته والرضوخ لمشيئة الاحتلال سقطت هي الأخرى وبالتالي سقطت أهداف العدو في تغييب الشعب الفلسطيني وتصفية حقوقه ومن ثمّ تحميله ومقاومته مسؤولية ما يحصل.
غزة تصنع الانتصار بمقاومتها، واستطاعت أن تنقل صورة المشهد كما هي أمام العالم أجمع، بأن قضية فلسطين مازالت حيّة وهي أم القضايا في أمتنا، ودليل ذلك أن هيبة الجيش الإسرائيلي تمرّغت بالوحل على أرض غزة، وأصبحنا أمام وضع استراتيجي جديد، وميزان القوى تغيّر الى غير رجعة بفعل محور المقاومة وإبداعاته ورهاناته والظاهرة التي تكررت في تموز 2006، وتكررت تباعاً في غزة وصولاً الى تموز 2014 أصبحت قانوناً طبيعياً صنعته المقاومة بالتضحيات والانتصارات المظفرة.
اليوم سلاح المقاومة يصنع معادلة ردع ويخلق توازنات جديدة، بينما فشل العدو من تحقيق كافة أهدافه، وأمام هذه الفاصلة التاريخية نقول: نحن نعيش عصر المقاومة ويا فخرنا.