منذ نيل لبنان استقلاله في العام 1943 يسمع المواطنون اللبنانيون في بلدهم عن وجود شيء إسمه انتخابات رئاسة الجمهورية، فيشاهدون وسائل الاعلام تنقل وقائع جلسات انتخاب الرئيس العتيد الذي سرعان ما يتحول الى عرس ديمقراطي!
يحضر الضيوف وتوزع الابتسامات وتسلط الأضواء على الرئيس المنتخب ليلقي خطابه الذي لن يتذكره أحد.وبعد تقديم التهنئة للرئيس الجديد يبدأ نواب الامة بالخروج من قاعة الجلسة وعينهم على كراسيهم التي قد لا يعودون اليها في ظل العهد الجديد ثم تغلق ابواب مجلس النواب فيما يهمد نعيق المحللين والمهللين على التلفزيون والراديو ويذوب حبر الجرائد ويعود النواب والمسؤولون الى زوجاتهم واطفالهم فرحين.
لسبب ما حصلت تغييرات على هذا المشهد في انتخابات لبنان الحالية، فلعلّ الثورات التي زلزلت الأرض تحت أقدام الزعماء العرب جعلت رؤساء الكتل النيابية عندنا يفكّرون قليلاً قبل بثّ وقائع لعبتهم القديمة المضجرة وعليه فقد قرّروا إضافة فقرتين على السيرك الانتخابي: السخرية والتشويق .
من أبواب السخرية أن يتقدّم للانتخابات شخص من طينة المهرجين الذي يستغل برامج “التوك شو” ليبشر بـ ‘اول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ لبنان الحديث متناسيا وهو يقدم الفرجة والتسلية للناس خياله الخصب في الاجرام والقتل على الهوية!
أما بطش النواب بالمرشحين للرئاسة الاولى فيدخل في الفقرة الثانية المضافة على عرس الانتخابات: التشويق .
ففي غياب كلمة السر الآتية من الخارج كلّما زادت حدة المماطلة وتوزيع الاصوات بل تشتيتها على عدد من المرشحين ، قبل تطيير النصاب في الدورة الثانية منعا لانتخاب الرئيس العتيد.
يبقى انه بالسخرية يتسلّى النواب بالمواطنين ويسلّيهم، وبالتشويق يذكرهم بجبروته الذي لا مثيل لبشاعته، وبين الكوميديا وأفلام الترهيب يُزفّ الرئيس الى شعبه في عرس الديمقراطية اللبنانية الفريدة.