المتتبع لتسلسل الأحداث في المنطقة يصل الى نتيجة واحدة، الملفات الإقليمية مترابطة وتكاد تكون في علاقة تبادلية وتكاملية في آنٍ واحد، وفي الفرضية، عدد من الملفات تتأثر ببعضها البعض سلباً أو إيجاباً، داخلياً وخارجياً.
الملف النووي الإيراني ومحادثات الدول المعنية بالملف (مجموعة الدول 1+5) وصلت الى نتائج محددة وتبلورت المواقف، وتحقّقت نتائج إيجابية يمكن البناء عليها، والمجتمع الدولي بات أقرب الى حل معقول، والإجتماعات حققت تقدماً.
ومؤتمر جنيف 2 بدأ فرضه على جدول أعمال الدول الكبرى والإقليمية، بفضل الإنتصارات التي يحققها أبطال الجيش العربي السوري في الميدان وهذا يعني أن مداولات جنيف 2 قد بدأت بين الدول المعنية منذ المبادرة الروسية – الأميركية بشأن الكيميائي السوري، والحل سيكون سورياً بإمتياز عن طريق الحوار الوطني المسؤول.
والسؤال هنا؟ هل تأجيل المفاوضات الإيرانية مع الدول المعنية بالملف النووي الإيراني (5+1) الى 20 تشرين الثاني الجاري يتعلق بالمداولات التي تجري حول المؤتمر الدولي جنيف 2؟ وبالتأكيد، الملفات مترابطة والملفان سيتقاطعان في لحظة قادمة وعندها تكون التسوية في المنطقة قد نضجت تماماً، وما يقال في هذه اللحظة، المجتمع الدولي بات أقرب الى حل معقول، لكن عامل الوقت أساسي لإقناع كل طرف بما له وما عليه على أساس المعادلات التي ستحكم النتائج المتوخاة.
وعلى أجندة الحوار المفترضة المتعددة الجوانب والمداولات الجارية، هدف التوصل المفترض بين إيران وأميركا، الى تفاهم أولي حول ملف إيران النووي، وإيجاد إطار سلمي للأزمة السورية.
ويمكن القول إن “التفاهم” بين طهران وواشنطن يزعج حكام السعودية وتل أبيب، ويتخوّف الجانبان من هذا “التلاقي”، وهذا ما سيدفع بهما الى الاستثمار السلبي معاً في مكان آخر في المنطقة، والإنتقال من التلاقي الضمني الى التلاقي العلني، ومن التقاطع في الرؤية الى التقاطع في الميدان فكلاهما متذمر من أميركا لكنه يحتاجها ويلتزم بما تمليه وهما يشتركان في العداء لمحور المقاومة في أمتنا، وهذا ما سيشكّل خطراً ماثلاً يهدّد بعض دول المنطقة المرشحة لجولة جديدة من حالة عدم الإستقرار (فلسطين ولبنان)، وصب الزيت على نار الفتنة والتناقضات في المنطقة، و”إسرائيل” معنية بالتصعيد والتوتير، لذلك من المرجح أن تحاول الأطراف المتصارعة تغيير وتعديل قواعد اللعبة خلال المرحلة القصيرة القادمة واللعب على هامش الأحداث، بينما ستبقى المبادرة الروسية – الأميركية فاعلة أو ناظمة لتسويات المنطقة بأكملها.