وثيقة المؤتمر العام الثاني

نستهل المؤتمر العام الثاني لحزب التوحيد العربي بقراءة عامة للأوضاع الدولية والإقليمية وانعكاساتها على الأوضاع الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، معلّلين مواقف الحزب السياسية وأسباب اتباعه لمشروعه الاستراتيجي. فلقد وعدنا الأميركيون بـ”الفوضى الخلاقة” التي نشهدنا الآن في ما يسمى بالثورات الشعبية التي انطلقت تحت عناوين مطلبية معيشية وتحولّت إلى تكتلات وعصابات مسلحة دينية تكفيرية متطرفة في بلاد تشتهر بالتعددية الفكرية والحزبية والدينية منذ مئات السنين. وها هي الدماء تسيل في العراق وتونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وقطاع غزة وفي أماكن معينة في لبنان؛ إلا في الكيان الصهيوني، فلا قلاقل ولا دماء ولا تهديد لأمنهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي. علماً أن هذه الدماء ليست نتيجة لثورات تحرر، بل هي تسيل ثمناً للتعديات على الحريات الدينية والفكرية وللقبض على المقدرات الوطنية لصالح الأحزاب التكفيرية. وكالعادة، تلعب الدول العربية ذات الأنظمة العشائرية الدور الرئيس في تنفيذ هذه المخططات الفتنوية.

 لكن الآحادية الأميركية قد سقطت ودخل المارد الروسي الساحة الدولية كلاعب أساسي وبدأ بممارسة دوره الدولي من المشرق العربي ليضع حداًّ لأكثر من عقدين من الزمن من الهيمنة الغربية على مصير شعوب العالم عموماً وعلى مصير شعوبنا العربية خصوصاً. وكالعادة، فإن الاستراتيجية الغربية في المنطقة تبدأ وتنتهي في خدمة المصالح الإسرائيلية من خلال وضع العراقيل بوجه التطور الاجتماعي والاقتصادي التدريجي في الدول العربية الذي يؤدي إلى حتمية الإصلاحات السياسية، واستبداله بدعم اللجوء إلى المقاربات العنفية الرعاعية للقضاء على أي أمل باعتماد إصلاحات مدنية وعقلانية وتغريب السلطة عن المطالب الشعبية… إنها “الفوضى الخلاقة” بامتياز!

 وعليه، فقد أعاد الدور الروسي الدولي خلق مشروعين ومنهجين في مشرقنا العربي ومحيطه الإقليمي؛ مشروع يدعم سيادة شعوبنا على مصيرها ومشروع يدعم سيطرته على مصير شعوبنا. ليس هناك عواطف في سياسات الدول، بل مصالح. وتكمن مصالح الغرب في إسرائيل، بينما تكمن مصالح روسيا في دعم من يقف بوجه المصالح الغربية وإسرائيل. من هذا المنطلق المرتبط بالمصالح العليا لكل من الدول العظمى، تأتي التحالفات الإقليمية. فكان تحالف الغرب مع دول الخليج العربية والإخوان المسلمين والتيارات الدينية المتطرفة والمجموعات التكفيرية والقوى العشائرية والأحزاب العرقية، وذلك بما يخدم أهدافها الإقليمية المتمثلة بالاعتراف بحق إسرائيل بالوجود الآمن في قلب المنطقة العربية من خلال السير في مخططات تؤدي إلى توقيع اتفاقيات استسلامية وتطبيعية تعطي الكيان الصهيوني اليد الطولى إقليمياً على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية. والسبيل الذي اعتمده الغرب في تحقيق أهدافه هو في إضعاف المناعة الوطنية والتكامل الاجتماعي والازدهار الاقتصادي والتطور السياسي الصحيح للشعوب العربية، من خلال افتعال المشاكل والقلاقل وإذكاء نار الفتن المذهبية المتنقلة والاضطرابات السياسية والعداوات العشائرية في الوطن الواحد وبين شعوب الأوطان العربية عامة ودول الطوق خاصة. أما روسيا، فكان تحالفها مع الثورة الإسلامية في إيران والنظام العروبي في سوريا بما يخدم مصالحها وأهدافها بمواجهة نفوذ خصمها الغربي في المنطقة، هذا النفوذ المتمثل بالعمل على انتصار المشروع الصهيوني. والسبيل الذي اعتمدته روسيا لتحقيق أهدافها الإقليمية هو في العمل على تحصين التكافل الاجتماعي العربي والسلم الأهلي والازدهار الاقتصادي وتعزيز الأمن القومي وتطوير أنظمة الدفاع الوطني ودعم التعاون الإقليمي بين الشعوب العربية وضمن كل دولة عربية وفي دول الطوق على وجه الخصوص. كل ذلك بهدف بناء منظومات اجتماعية صلبة واقتصادية مزدهرة وسياسية متكاملة وعسكرية متينة وقوية من أجل مواجهة التمدد والسيطرة الصهيونية التي تمثل مصالح الغريم الغربي وحلفائه الإقليميين. وحيث أن العقيدة الفكرية لعلّة وجود الحكم الثوري الإسلامي في إيران مرتبطة ارتباطاً عضوياً بتحرير الأراضي المقدسة وعلى رأسها القدس الشريف، وحيث أن العقيدة السياسية والقتالية والنضالية للجيش العربي السوري والحزب الحاكم في سوريا مبنية على تحرير الأرض العربية ومواجهة الصهيونية كقوة احتلال غاصبة وكفكر عنصري معادي؛ فقد تقاطعت المصالح الدولية الروسية مع المصالح العقائدية والقومية الإيرانية والسورية.

 هذه باقتضاب هي الأسس الصريحة للمعسكرين الإقليميين وعمقهما الدولي. وتترأس الولايات المتحدة الأميركية المشروع الغربي وتمثل إسرائيل فيه رأس الحربة الإقليمية والقاعدة والهدف الرئيس. وحيث أن الأنظمة المشيخية والعشائرية والإقطاعية محكوم عليها بالسقوط بوجه التطور الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والسياسي لشعوب المنطقة، فقد تحالفت هذه الأنظمة مع المعسكر الغربي للوقوف بوجه اختراق التطور الحقيقي لمجتمعات شعوبها خوفاً من إيقاظ الوعي الجماهيري الكفيل بالإطاحة بسلطاتهم المبنية على منظومات القرن التاسع عشر. وبالتعاون مع المعسكر الغربي، وبتقاطع مصالحها السلطوية ومصالح الغرب الصهيونية في إضعاف الصلابة العربية، قام هذا المعسكر بفتح جبهات ثلاثة للوصول إلى أهدافه المرسومة. الجبهة الأولى تتمثل باستغلال التطرف المذهبي التكفيري وتمويل تجارة الدين في إشعال الفتن لدى الشعوب العربية، خصوصاً لدى الشعوب المشهود لها تاريخياً بالمقاومة والمواجهة والوطنية والعداء للفكر الصهيوني. ذلك بالإضافة إلى تمويل البعثات الدينية السلفية في الغرب لإضافة جنسيات أخرى دخيلة على عاداتنا وتاريخنا لتلعب دور الوقود في الحرب الفتنوية. فأصبحنا في عداوات دخيلة على تطورنا الاجتماعي كانت قد دفنت منذ مئات السنين بين السنة والشيعة وبين المسلمين والمسيحيين وبين المعتدلين والمتشددين. والجبهة الثانية تتمثل في بث العقائد العرقية التي تتناقض أساساً مع الدين ومع أسس الاعتبارات الإنسانية. حيث تم إحياء غريم الجاهلية الذي قضى عليه الإسلام بالفتوحات الأولى، فأصبحنا نسمع بالعرب والفرس والكرد والمجوس، فاستذكرنا أبا جهل وشخصيات وعشائر وأعراق قضى عليها الإسلام ودفنتها الفتوحات منذ أكثر من 1400 سنة. وتتمثل الجبهة الثالثة في إذكاء الشوفينية الوطنية لكل شعب عربي بوجه الشعوب العربية في الدول المجاورة من خلال تشجيع وتمويل التقوقع الاجتماعي المحلي وانكفاء الفكر السياسي إلى داخل الحدود الجغرافية الضيقة لكل دولة عربية واعتماد نظرية الانعزال الفكري عن القضايا العربية وكأن كل دولة هي جزيرة معزولة عن محيطها الجغرافي والثقافي والاجتماعي. فكان ابتداع عداوات عربية على وجه العموم ومشرقية على وجه الخصوص، فأصبحنا نرى أدبيات إعلامية وسياسية تؤجج لعداوات لبنانية-سورية وسورية-عراقية وفلسطينية-مصرية، وهلمّ جرّا. وكانت النتيجة الحتمية لهذه الجبهات ومن يقف وراءها، باستبدال الصراع العربي-الإسرائيلي بالصراعات الدينية والمذهبية والعرقية والعربية-العربية. وها هي التفجيرات الإرهابية في العراق، والحرب التكفيرية في سوريا، وسرقة الثورة الشعبية في مصر التي انتفض الشعب المصري مؤخراً لاسترجاعها، وعصابات القتل في ليبيا، والمجموعات القبلية والتكفيرية المسلحة والمتقاتلة في اليمن، والبؤر الفتنوية في لبنان، ومضاعفة المستوطنات الصهيونية في فلسطين، وقمع الحريات في السعودية والبحرين، وتقسيم السودان، واتهام المقاومة الإسلامية في لبنان بالإرهاب، والمحاصرة الاقتصادية والسياسية لإيران، وتبنّي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية توقيع اتفاقيات استسلامية مع العدو الصهيوني من دون مقابل ومن دون حق العودة للشعب الفلسطيني.

 أما المعسكر الآخر الذي ينضوي الحزب في عديده، فقد قرر محاربة غريمه باعتماد المواجهة المباشرة باعتباره أنه صاحب الأرض والتاريخ، ومشاريعه تحتاج إلى وعي جماهيري والتزام عقائدي وقناعة فكرية. ومن أجل تحقيق أهدافه، يحتاج هذا المعسكر إلى شعوب حرة تمتلك مصيرها، وإلى أفراد لا تلهيها المشاكل الاقتصادية، وإلى مجتمعات يسودها التكافل والتكامل، وإلى منظومات فكرية مستعدة لخوض كفاح الوجود ومعركة المصير، وإلى نفوس توّاقة إلى الدفاع عن الحقوق… أي، باختصار، يحتاج هذا المعسكر إلى دول سيدة وحرة ومستقلة ومزدهرة وقوية وصلبة ومتعاونة، لتؤسس لقاعدة مواجهة لا تشوبها ثغرات التخلف والاتكالية والغبن والجهل والتفكّك والمشاكسات والدونية المعنوية والاقتصادية والسياسية.

 وكانت إنجازات هذا المعسكر بتحرير الجنوب اللبناني من العدو الإسرائيلي من قبل المقاومة وتحرير جميع الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيلية وخلق توازن رعب مع الكيان الصهيوني، ودعم المقاومة الفلسطينية بترسانة سلاح نوعي وكمي لجم العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة وأفشل مخططات العدو من وراء حملته العسكرية. كما تم مد جسور التعاون والتعاضد بين جميع القوى المواجهة للمشروع الغربي-الصهيوني بالقيام بتحالفات داخل لبنان تتخطى الاصطفاف الطائفي والمذهبي والأيديولوجي إلى الرؤية الاستراتيجية الموحدة، فكان التحالف بيننا وبين عدد من الشخصيات والأحزاب اللبنانية ذات الأيديولوجيات الفكرية والانتماءات الاجتماعية والطائفية المختلفة. وقامت الجهات الإقليمية المتبنية لهذا المشروع المقاوم بدعم هذه التحركات ودعم السلطات العسكرية اللبنانية خدمة لأهدافها ببناء دول عربية قوية عسكرياً ومزدهرة اقتصادياً لتحريرها من الحاجة إلى التبعية لأموال النفط أو الدعم الغربي؛ فكان الحلف الإيراني-السوري-الوطني اللبناني كرأس حربة في مواجهة المشروع الغربي-الصهيوني. وعندما فشل المشروع الغربي في قطف ثمار اغتيال الرئيس الحريري وخروج الجيش العربي السوري من لبنان، لجأ إلى الحصار الدولي من خلال الضغط على إنشاء محكمة غربية بتمويل لبناني لتخدم مشروعه في توجيه أصابع الاتهام إلى أعداء مشروعه المحليين وعلى رأسهم حزب الله ومقاومته وعمقه الإقليمي الاستراتيجي. كما تم التوجه إلى حصار الداعم الإقليمي للمقاومة بالحصار الاقتصادي والسياسي لإيران. واستمر بالمضي قدماً في مشروعه من خلال دعم الفوضى والدم في البلد الإقليمي الثاني الداعم للمقاومة، سوريا. وبعد أن فشل في أن يؤسس لإدانة دولية للمقاومة في لبنان وللنظام السوري، قام بالعمل على إصدار قرارات محلية أميركية وغيرها من قبل الاتحاد الأوروبي تدعم الإرهاب الفتنوي في سوريا وتدين المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني في لبنان. كما قام بدعم البؤر الفتنوية المتنقلة في لبنان التي تؤجج النفوس باتجاه العداء المذهبي في بعض المناطق. وعندما فشل في جر المقاومة إلى الوقوع في هذا الفخ، قام بتوجيه البندقية على الجيش اللبناني، المؤسسة التي تمثل المعقل الأخير بوجه شرذمة لبنان. وعندما فشل مرتين، في نهر البارد وفي عبرا، باختراق وحدة الجيش اللبناني والدعم الشعبي له، قام بالإيعاز لأدواته اللبنانية بالتهجم على الجيش والتشكيك بمناقبيته واتهامه بالتبعية الإقليمية والتوجهات المذهبية؛ فكان مؤتمري طرابلس ومجدليون دفاعاً عن المسلحين المعتقلين والمقتولين، والطلب بفتح تحقيق يشكّك بنتائج التحقيقات العسكرية.

 وحالياً، يقوم المشروع الغربي، من خلال أدواته المحلية، بتعطيل إنشاء حكومة لبنانية وقانون انتخاب عصري وانتخاب رئيس للجمهورية كي يضع البلاد في فراغ مؤسساتي ودستوري يؤسس لفلتان أمني ومشاكسات سياسية تبعد معسكرنا عن أهدافه الرئيسة المتمثلة بقيام دولة قوية مركزية تبني المواطنية القادرة وحدها على دعم الفكر المقاوم ومواجهة المؤامرات الصهيونية؛ علماً أن القرار الإداري المنفرد لوزير الدفاع الوطني بالتمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان حفاظاً على وحدة المؤسسة العسكرية قد نجح في تأجيل المحنة المرسومة للبلد.

 لقد أثبت النظام السياسي اللبناني عدم جدواه من خلال فشله بمواجهة أبسط الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الوطنية. لذلك، هناك حاجة حتمية ووجودية لإلغائه واقتلاع فذلكته من جذورها الممتدة إلى العصر العثماني مروراً بالانتداب الفرنسي والوصاية العربية. فهو نظام يحضّر لفتنة أهلية تكررت في السابق عدة مرات منذ إنشاء لبنان الكبير، ودفع الشعب اللبناني من جرّائها الأثمان الغالية بأرواحه واقتصاده وأمنه الاجتماعي وسيادته. إن النظام الحالي ليس إلاّ نسخة منقّحة مرات عدّة للنظام الذي سبق اتفاق الطائف وكانت نتيجته اجترار نفس الطبقة السياسية على مر العقود؛ الطبقة السياسية نفسها التي حكمت لبنان وأدّت إلى اندلاع الحروب الأهلية فيه. كما نتج عن هذا النظام صنمية سياسية وجمود اجتماعي مطبوع بإقطاع رجعي كبّل الأفراد والمجموعات وكان عائقاً أمام الحراك الحر والتفاعلي مع أحداث الوطن والمنطقة. وأدّى هذا الوضع إلى تنامي التململ من هذا الجمود الذي لم يؤثر سلباً على الوضعين الاجتماعي والسياسي فحسب، بل طال الوضع الاقتصادي المبني على التبعية المالية والخدماتية البعيدة عن الحقوق الاجتماعية والجدارة لصالح المحسوبية والعائلية والتحزبية.

 وعليه، فإن مشروع الحزب يرتكز على إنشاء مجلس للشيوخ لتحرير مجلس النواب من المحاصصة الطائفية، واعتماد النسبية في الانتخابات النيابية. إن النظام النسبي هو النظام الأكثر عدلاً والأكثر تمثيلاً للشرائح السياسية والاجتماعية والاقتصادية اللبنانية، حيث يكون لكل مكوّن سياسي تمثيله الصحيح الذي يعكس حجمه الجماهيري بين أفراد المجتمع. إن الديمقراطية العددية تؤسس لطغيان الطائفية والمناطقية على المواطنية، فتخلق أكثريات وأقليات وهمية مسؤولة عن اتخاذ قرارات وطنية عن جميع الشعب اللبناني، بينما تكون قد وصلت إلى الندوة البرلمانية بأصوات مناطقية إذا ما اجتمعت على الصعيد الوطني العام تكون تمثل أقل من نصف أصوات الناخب اللبناني. ذلك بالإضافة للحقيقة العلمية التي تجعل من قانون الانتخاب الأكثري قانوناً مجحفاً بحق الأفراد والمناطق والطوائف والتيارات السياسية. فإن حصل تيار مرشح عن منطقة معينة أو طائفة معينة أو حزب معين على 51% مقابل 49% لمنافسه المناطقي أو الطائفي أو السياسي، يصبح هذا التيار الممثل الشعبي الرسمي الوحيد عن المنطقة أو الطائفة أو التوجه السياسي، أي يصبح وكأنه يتكلم باسم 100% من دائرته الانتخابية؛ وهذا لا يعكس الحقيقة الشعبية ولا يكون يحكم بإسم الشعب اللبناني. وهذا ما يسمى بالطغيان العددي على القرار الوطني. إن الحل الوحيد لدى الحزب هو باعتماد الدوائر الكبرى كالمحافظات الخمسة الأساسية، وطرح اللوائح باعتماد النسبية. وبذلك يصبح من يمثل 51% مثلاً، يتكلم بإسم من يمثلهم، بينما يقابله من يمثل 49% مثلاً… ومن يمثل 20% و10%، إلخ. بهذه الطريقة تتمثل جميع شرائح الشعب اللبناني وتكون فرصة للأقليات السياسية في إيصال صوتها والمشاركة في اتخاذ القرارات الوطنية، مما يؤسس لحراك سياسي فعّال، وتغيير في النمط الفكري للمزاج الشعبي العام، وأمل في إيصال الأصوات المهمشة من جرّاء طغيان العصبيات الطائفية والمناطقية إلى مطبخ القرار الوطني، وإضعاف نفوذ الطبقة السياسية الإقطاعية التي ما انفكت تحكم لبنان وتوقعه في مآزق الحروب الأهلية العبثية والانسلاخ عن المواطنية. فقط من خلال مجلس نواب منتخب باعتماد النسبية والدوائر الكبرى، هناك أمل في الانقلاب على الفساد السياسي والانكماش الاقتصادي وتهميش مؤسسات الدولة والفتنة الأهلية التي ما انفك النظام السياسي اللبناني ينتجها من خلال إعادة إنتاج السلطة نفسها منذ بدايات القرن الماضي.

 وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نشدّد على قناعاتنا الراسخة بانتمائنا إلى منظومة المقاومة والتعاون العربي لأنها الوحيدة التي تعمل على ترسيخ السيادة الوطنية الحقة والعدالة الاجتماعية والقرار الحر وإمكانية تطور إنساننا وازدهار مجتمعاتنا. ولا يغربن عن بال أحدكم أن الوصية التاسعة من الوصايا العروبية التوحيدية العشرة تقول: “أنا عروبي توحيدي لأن عروبتي هي عروبة عقائدية إنسانية عابرة للحدود والطوائف والمذاهب والعصبيات العشائرية والعرقية. هي عروبة مبنية على احترام الإنسان المقاوم والعادل والداعم لقضايانا. فكل من يقاوم الجور والظلم والاستغلال والاستعمار الاقتصادي والاستعمار الفكري العرقي كالصهيونية، هو مني وأنا منه.”

 عاش لبنان بمقاومته وتاريخه ودماء شهدائه، منارةً حضارية ورسالةً إنسانية؛

وعاشت شعوب مشرقنا العربي بحضارتها وثقافتها ووحدة مصيرها، الآنَ وفي كل آنْ، أسياداً وأحرارا؛

والنصر لنا.

الشوف – جبل لبنان

6 + 1 =