نشأة حزب التوحيد العربي

جاء تأسيس حزب التوحيد العربي نتيجة لحاجة اجتماعية وسياسية فرضتها الظروف الطائفية والترابط العضوي بين الشرائح الاجتماعية الممتدة على كامل التراب الوطني. إن السمات التي طغت على هذه الظروف هي غياب التعدّدية الفكرية والسياسية وحصر الاختلاف في الرؤى بالتعبير الفردي بين الأصدقاء وذوي القربى من دون انعكاس ذلك على الحقلين السياسي والاجتماعي، فكانت النتيجة صنمية سياسية وجمود اجتماعي مطبوع بإقطاع رجعي كبّل الأفراد والمجموعات وكان عائقاً أمام الحراك الحر والتفاعلي مع أحداث الوطن والمنطقة. وأدّى هذا الوضع إلى تنامي التململ من هذا الجمود الذي لم يؤثر سلباً على الوضعين الاجتماعي والسياسي فحسب، بل طال الوضع الاقتصادي المبني على التبعية المالية والخدماتية البعيدة عن الحقوق الاجتماعية والجدارة لصالح المحسوبية والعائلية والتحزبية.

ومن الصحافة السياسية-الاجتماعية والعمل في الحقل العام، شرع رئيس الحزب وئام وهّاب بناء مشروعه السياسي بلقاء مجموعة من الشخصيات العاملة في الحقل العام وطرح نظريته القائمة على تأسيس حزب يلبّي الطموحات الوطنية من خلال الانتفاض على جميع أنواع المحسوبية والتبعية والصنمية الشخصانية، والعمل على النهوض بالمجتمع لكسر أغلال الإقطاعية واسترجاع قراره الحر.

وتم تأسيس منظمة سياسية بمسمى “تيّار التوحيد اللبناني” في السادس والعشرين من شهر أيّار/مايو من العام 2006 ليتأكّد مؤسسها ورفاقه أن هذه الأزمة لا تنحصر بلبنان، بل تمتد لتصيب جميع المجتمعات المشرقية والعربية. كما تم التأكّد من حقيقة وجود تعاون إقليمي ودولي للحفاظ على الحالة القائمة ودعم هذه القوى المحلية المشرقية من قبل هذه المحاور الإقليمية والدولية للحفاظ على مواقعهم التاريخية في السيطرة على مناطق نفوذهم من خلال قمع القوى التغييرية وتغريبها عن عقول الشعب. كما تم التأكّد من حقائق إضافية تتمثل بدعم مماثل لقوى مماثلة في جميع الدول العربية وتعاون الأنظمة العربية مع الغرب في تنفيذ هذه المخططات في بلدانهم.

إن هذه الحقائق لم تكن خافية عن المؤسس ورفاقه، ولكن الحرب الضروس التي فتحت عليهم عند تأسيسهم لتيارهم السياسي وأساليب الترهيب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الأمنية التي واجهتهم على الصعد المحلية والإقليمية والدولية، أكدّت لهم ما كانوا يعلموه وأرتهم بالبرهان مدى توسّع هذا النهج ومدى تغلغله في المجتمعات العربية وتواصله الإقليمي والدولي كشبكة عنكبوتية سامة. وتمت الإضاءة على أهم الأهداف التي تتوحّد عليها هذه الشبكة العنكبوتية في مشروعها، كالتالي:

‌أ.       القضاء على جميع أشكال مقاومة إسرائيل من مجموعات وأنظمة وشعوب.

‌ب.  العمل الدؤوب على توقيع اتفاقيّات سلام بين الدول العربية وإسرائيل، كلُّ على حدى.

‌ج.    العمل على تعميق الهوّة بين الشعوب العربية التي تجمعها القضية الفلسطينية والعداوة المتجذرة للفكر والكيان الصهيونيين، وذلك من خلال تشجيع الشوفينية المحلية بوجه التضامن العربي كمرحلة أولى.

‌د.      العمل على إسقاط الأنظمة العروبية والعلمانية والإسلامية المعتدلة كمرحلة ثانية واستبدالها بأنظمة تكفيرية لتعميق الشرخ الوطني واستباحة الأمن الاجتماعي ضمن الدولة الواحدة لإلهائهم ببعضهم عن القضية الفلسطينية، خصوصاً في دول الطوق؛ حتى في الأنظمة الحليفة لها.

‌ه.    دعم الفساد الإداري والسياسي في الدول العربية لتعميق الخلاف بين الدولة والشعب، وذلك من خلال قمع الديمقراطية الحقيقية المتمثلة بالتغيير والمحاسبة لصالح العشائرية والمذهبية والعائلية التي تجعل من الإقطاعية السياسية سيّدة الموقف.

‌و.      العمل على استبدال العروبة الإنسانية المنفتحة والهادفة إلى عروبة عرقية تشوبها المغالطات التاريخية والاجتماعية وتسيطر عليها العقائد التي تلغي القضية العربية لصالح تفشّي العنصرية البغيضة.

إن النتائج التي أتت بها هذه الأهداف أدّت إلى صراعات عربية-عربية، وصراعات ضمن الدولة العربية الواحدة، وصراعات بين الدول العربية وحلفائها الإقليميين، وغياب استراتيجية موحّدة لمواجهة العدو الرئيس المتمثل بالفكر الصهيوني وأرضه السياسية المتمثلة بالكيان الإسرائيلي؛ وعليه، تحوّرت الأهداف عن القضية المركزية المتمثّلة بإعادة الأرض للشعب العربي الفلسطيني.

لذلك، قام المؤسس مدعوماً بالرفاق المنتسبين إلى تيار التوحيد اللبناني، باتخاذ القرار التاريخي بمواجهة هذه المخطّطات بكل ما أوتوا من قوّة بدءً بتعديل اسم التيار ومبادئه التأسيسية ليصبح “حزب التوحيد العربي”؛ مشدّدين على المواجهة بطريقتهم من خلال المناقبية التوحيدية والانتماء العربي الصحيح والهوية الوطنية الحقّة.

[divide]

لتحميل الملف بصيغة PDF انقر هنا  

 

2 + 3 =